(279) الأصل:
إعلموا علما يقينا إن الله لم يجعل للعبد وإن عظمت حيلته، واشتدت طلبته، وقويت مكيدته، أكثر مما سمى له في الذكر الحكيم، ولم يحل بين العبد في ضعفه وقلة حيلته، وبين أن يبلغ ما سمى له في الذكر الحكيم. والعارف لهذا، العامل به، أعظم الناس رحمة في منفعة: والتارك له، الشاك فيه، أعظم الناس شغلا في مضرة.
ورب منعم عليه مستدرج بالنعمى، ورب مبتلى مصنوع له بالبلوى.
فزد إيها المستمع في شكرك، وقصر من عجلتك، وقف عند منتهى رزقك.
الشرح:
قد تقدم القول في الحرص والجشع وذمهما وذم الكادح في طلب الرزق، ومدح القناعة والاقتصار، ونذكر هنا طرفا آخر من ذلك. قال بعض الحكماء: وجدت أطول الناس غما الحسود، وأهنأهم عيشا القنوع، وأصبرهم على الأذى الحريص، وأخفضهم عيشا أرفضهم للدنيا، وأعظمهم ندامة العالم المفرط.
وقال عمر: الطمع فقر، واليأس غنى، ومن يئس مما عند الناس استغنى عنهم.