(281) الأصل:
إن الطمع مورد غير مصدر، وضامن غير وفى، وربما شرق شارب الماء قبل ريه، وكلما عظم قدر الشئ المتنافس فيه عظمت الرزية لفقده، والأماني تعمى أعين البصائر، والحظ يأتي من لا يأتيه.
الشرح:
قد تقدم القول في هذه المعاني كلها.
وقد ضرب الحكماء مثالا لفرط الطمع، فقالوا: إن رجلا صاد قبرة فقالت:
ما تريد أن تصنع بي؟ قال: أذبحك وآكلك، قالت: والله ما أشفي من قرم، ولا أشبع من جوع، ولكني أعلمك ثلاث خصال هن خير لك من أكلي، أما واحدة فأعلمك إياها وأنا في يدك، وأما الثانية فإذا صرت على الشجرة، أما الثالثة فإذا صرت على الجبل. فقال: هاتي الأولى، قالت: لا تلهفن على ما فات، فخلاها، فلما صارت على الشجرة قال: هاتي الثانية، قالت: لا تصدقن بما لا يكون إنه يكون، ثم طارت، فصارت على الجبل، فقالت يا شقي لو ذبحتني لأخرجت من حوصلتي درتين وزن كل واحدة ثلاثون مثقالا، فعض على يديه وتلهف تلهفا شديدا، وقال:
هاتي الثالثة، فقالت: أنت قد أنسيت الاثنتين، فما تصنع بالثالثة؟ ألم أقل لك: لا تلهفن على