(275) الأصل:
الناس في الدنيا عاملان:
عامل في الدنيا للدنيا، قد شغلته دنياه عن آخرته، يخشى على من يخلف الفقر، ويأمنه على نفسه، فيفنى عمره في منفعة غيره.
وعامل عمل في الدنيا لما بعدها، فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمل، فأحرز الحظين معا، وملك الدارين جميعا، فأصبح وجيها عند الله، لا يسأل الله حاجة فيمنعه.
الشرح:
معنى قوله: (ويأمنه على نفسه)، أي ولا يبالي أن يكون هو فقيرا، لأنه يعيش عيش الفقراء وإن كان ذا مال، لكنه يدخر المال لولده فيفنى عمره في منفعة غيره.
ويجوز أن يكون معناه إنه لكثرة ماله قد أمن الفقر على نفسه ما دام حيا، ولكنه لا يأمن الفقر على ولده لأنه لا يثق من ولده بحسن الاكتساب كما وثق من نفسه، فلا يزال في الاكتساب والازدياد منه لمنفعة ولده الذي يخاف عليه الفقر بعد موته.
فأما العامل في الدنيا لما بعدها فهم أصحاب العبادة، يأتيهم رزقهم بغير اكتساب ولا كد، وقد حصلت لهم الآخرة، فقد حصل لهم الحظان جميعا.