شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٢٤
قال: " لما قد اختزن دونك "، يعنى التسمي بإمرة المؤمنين.
ثم قال: " فرارا من الحق "، أي فعلت ذلك كله هربا من التمسك بالحق والدين، وحبا للكفر والشقاق والتغلب.
قال: " وجحودا لما هو ألزم "، يعنى فرض طاعة على (عليه السلام)، لأنه قد وعاها سمعه، لا ريب في ذلك، إما بالنص في أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما تذكره الشيعة - فقد كان معاوية حاضرا يوم الغدير لأنه حج معهم حجة الوداع، وقد كان أيضا حاضرا يوم تبوك حين قال له بمحضر من الناس كافة: " أنت منى بمنزلة هارون من موسى "، وقد سمع غير ذلك - وإما بالبيعة كما نذكره نحن فإنه قد اتصل به خبرها، وتواتر عنده وقوعها، فصار وقوعها عنده معلوما بالضرورة كعلمه بأن في الدنيا بلدا اسمها مصر، وأن كان ما رآها.
والظاهر من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه يريد المعنى الأول! ونحن نخرجه على وجه لا يلزم منه ما تقوله الشيعة فنقول: لنفرض أن النبي (صلى الله عليه وآله) ما نص عليه بالخلافة بعده، أليس يعلم معاوية وغيره من الصحابة أنه لو قال له في ألف مقام: " أنا حرب لمن حاربت وسلم لمن سالمت "، ونحو ذلك من قوله: " اللهم عاد من عاداه، ووال من والاه "، وقوله: " حربك حربي وسلمك سلمى "، وقوله: " أنت مع الحق والحق معك "، وقوله: " هذا منى وأنا منه "، وقوله: " هذا أخي "، وقوله: " يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله "، وقوله: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، وقوله: " إنه ولى كل مؤمن [ومؤمنة (1)] بعدي "، وقوله: في كلام قاله: " خاصف النعل "، وقوله:
" لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق "، وقوله: " إن الجنة لتشتاق إلى أربعة "، وجعله أولهم، وقوله لعمار: " تقتلك الفئة الباغية "، وقوله: " ستقاتل الناكثين والقاسطين

(1) من د.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407