(صلى الله عليه وآله) بصدقة، فقال: هذه صدقه عليك وعلى أصحابك، فلم يقبلها، وقال:
إنه لا تحل لنا الصدقة، فرفعها، ثم جاء من الغد بمثلها وقال: هدية هذه، فقال لأصحابه: كلوا.
واشتراه من أربابه، وهم قوم يهود بدراهم، وعلى أن يغرس لهم من النخيل كذا وكذا، ويعمل فيها حتى تدرك، فغرس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك النخل كله بيده إلا نخلة واحده غرسها عمر بن الخطاب، فأطعم النخل كله إلا تلك النخلة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من غرسها "؟ قيل: عمر، فقلعها وغرسها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده فأطعمت (1).
قال أبو عمر: وكان سلمان يسف (2) الخوص وهو أمير على المدائن ويبيعه ويأكل منه ويقول لا أحب أن آكل إلا من عمل يدي، وكان قد تعلم سف الخوص من المدينة.
وأول مشاهده الخندق، وهو الذي أشار بحفره، فقال أبو سفيان وأصحابه لما رأوه:
هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها.
قال أبو عمر: وقد روى أن سلمان شهد بدر واحدا، وهو عبد يومئذ، والأكثر أن أول مشاهده الخندق، ولم يفته بعد ذلك مشهد.
قال: وكان سلمان خيرا، فاضلا، حبرا، عالما، زاهدا، متقشفا.
قال: وذكر هشام بن حسان عن الحسن البصري، قال: كان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به، ويأكل من عمل يده، وكانت له عباءة يفرش بعضها ويلبس بعضها.