شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٣٥
(صلى الله عليه وآله) بصدقة، فقال: هذه صدقه عليك وعلى أصحابك، فلم يقبلها، وقال:
إنه لا تحل لنا الصدقة، فرفعها، ثم جاء من الغد بمثلها وقال: هدية هذه، فقال لأصحابه: كلوا.
واشتراه من أربابه، وهم قوم يهود بدراهم، وعلى أن يغرس لهم من النخيل كذا وكذا، ويعمل فيها حتى تدرك، فغرس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك النخل كله بيده إلا نخلة واحده غرسها عمر بن الخطاب، فأطعم النخل كله إلا تلك النخلة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من غرسها "؟ قيل: عمر، فقلعها وغرسها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده فأطعمت (1).
قال أبو عمر: وكان سلمان يسف (2) الخوص وهو أمير على المدائن ويبيعه ويأكل منه ويقول لا أحب أن آكل إلا من عمل يدي، وكان قد تعلم سف الخوص من المدينة.
وأول مشاهده الخندق، وهو الذي أشار بحفره، فقال أبو سفيان وأصحابه لما رأوه:
هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها.
قال أبو عمر: وقد روى أن سلمان شهد بدر واحدا، وهو عبد يومئذ، والأكثر أن أول مشاهده الخندق، ولم يفته بعد ذلك مشهد.
قال: وكان سلمان خيرا، فاضلا، حبرا، عالما، زاهدا، متقشفا.
قال: وذكر هشام بن حسان عن الحسن البصري، قال: كان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به، ويأكل من عمل يده، وكانت له عباءة يفرش بعضها ويلبس بعضها.

(1) بعدها في الاستيعاب: " من عامها ".
(2) يسف الخوص، أي ينسجه، وفى اللسان: " وفى حديث أبي ذر، قالت له امرأة: ما في بيتك سفة ولا هفة، السفة: ما يسف من الخوص كالزبيل ونحوه ".
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407