(143) الأصل:
ومن كلام له (عليه السلام) لكميل بن زياد النخعي:
قال كميل بن زياد: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخرجني إلى الجبان، فلما أصحر تنفس الصعداء، ثم قال:
يا كميل بن زياد، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، فاحفظ عنى ما أقول لك.
الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم، يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق.
يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال.
والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكوا على الانفاق، وصنيع المال يزول بزواله.
يا كميل بن زياد، معرفة العلم دين يدان به، به يكسب الانسان الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته. والعلم حاكم، والمال محكوم عليه.
يا كميل بن زياد، هلك خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة. ها إن هاهنا لعلما جما - وأشار إلى صدره - لو أصبت له حملة! بلى أصيب لقنا غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه،