قال: وفى الحديث المروى أن أبا سفيان مر على سلمان وصهيب وبلال في نفر من المسلمين فقالوا: ما أخذت السيوف من عنق عدو الله مأخذها - وأبو سفيان يسمع قولهم - فقال لهم أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها! وأتى النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبره فقال: يا أبا بكر، لعلك أغضبتهم! لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت الله، فأتاهم أبو بكر، فقال أبو بكر: يا إخوتاه، لعلى أغضبتكم! قالوا: لا يا أبا بكر، يغفر الله لك.
قال: وآخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبين أبى الدرداء لما آخى بين المسلمين.
قال: ولسلمان فضائل جمة، وأخبار حسان، وتوفى في آخر خلافة عثمان سنة خمس وثلاثين، وقيل: توفى في أول سنة ست وثلاثين. وقال قوم: توفى في خلافة عمر، والأول أكثر.
وأما حديث إسلام سلمان فقد ذكره كثير من المحدثين (1) ورووه عنه، قال:
كنت ابن دهقان (2) قرية جي من أصبهان، وبلغ من حب أبى لي أن حبسني في البيت كما تحبس الجارية، فاجتهدت في المجوسية حتى صرت قطن (3) بيت النار، فأرسلني أبى يوما إلى ضيعة له، فمررت بكنيسة النصارى، فدخلت عليهم، فأعجبتني صلاتهم، فقلت: دين هؤلاء خير من ديني، فسألتهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام، فهربت من والدي حتى قدمت الشام، فدخلت على الأسقف (4) فجعلت أخدمه وأتعلم منه، حتى حضرته الوفاة، فقلت: إلى من توصي بي؟ فقال: قد هلك الناس وتركوا دينهم إلا رجلا بالموصل فالحق به، فلما قضى نحبه لحقت بذلك الرجل