ومر بعض الزهاد بباب دار وأهلها يبكون ميتا لهم، فقال: واعجبا لقوم مسافرين!
يبكون مسافرا قد بلغ منزله!
وكان يقال: يا بن آدم، لا تأسف على مفقود لا يرده عليك الفوت، ولا تفرح بموجود لا يتركه عليك الموت.
لقي عالم من العلماء راهبا فقال: أيها الراهب، كيف ترى الدنيا؟ قال: تخلق الأبدان، وتجدد الآمال، وتباعد الأمنية، وتقرب المنية، قال: فما حال أهلها؟ قال:
من ظفر بها نصب، ومن فاتته أسف، قال: فكيف الغنى عنها؟ قال: بقطع الرجاء منها، قال: فأي الأصحاب أبر وأوفى؟ قال: العمل الصالح، قال: فأيهم أضر وأنكى؟ قال:
النفس والهوى، قال: فكيف المخرج؟ قال: في سلوك المنهج، قال: وبماذا أسلكه؟
قال: بأن تخلع لباس الشهوات الفانية، وتعمل للدار الباقية.