لعن الله أبا عباد لعنا يتوالى يوسع السائل شتما * ثم يعطيه السؤالا.
وكان الناس يقفون لأبي عباد وقت ركوبة، فيتقدم الواحد منهم إليه بقصته ليناوله إياها، فيركله برجله بالركاب، ويضربه بسوطه، ويطير غضبا، ثم لا ينزل عن فرسه حتى يقضى حاجته، ويأمر له بطلبته، فينصرف الرجل بها وهو ذام له ساخط عليه، فقال فيه دعبل:
أولى الأمور بضيعة وفساد * ملك يدبره أبو عباد (1) متعمد بدواته جلساءه (2) * فمضرج ومخضب بمداد وكأنه من دير هزقل مفلت * حرب يجر سلاسل الأقياد (3) فاشدد أمير المؤمنين صفاده * بأشد منه في يد الحداد وقال فيه بعض الشعراء:
قل للخليفة يا بن عم محمد * قيد وزيرك إنه ركال فلسوطه بين الرؤوس مسالك * ولرجله بين الصدور مجال والمفاقر: الحاجات، يقال: سد الله مفاقره، أي أغنى الله فقره، ثم أمره أن يأمر أهل مكة ألا يأخذوا من أحد من الحجيج أجرة مسكن، واحتج على ذلك بالآية، وأصحاب أبي حنيفة يتمسكون بها في امتناع بيع دور مكة وإجارتها، وهذا بناء على أن