من خمسين ألف دينار وهذه حاله، لم تظهر عليه آثار نعمتنا! والله لا دفعت إليه شيئا، وخروج ولم يعطه.
ومنها قوله واعلم أن أفضل المؤمنين أفضلهم تقدمة من نفسه وأهله وماله "، أي أفضلهم إنفاقا في البر والخير من ماله، وهي التقدمة، قال الله تعالى: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه) (1)، فأما النفس والأهل، فإن تقدمتهما في الجهاد، وقد تكون التقدمة في النفس بأن يشفع شفاعة حسنة أو يحضر عند السلطان بكلام طيب، وثنا حسن، وأن يصلح بين المتخاصمين، ونحو ذلك، والتقدمة في الأهل أن يحج بولده وزوجته ويكلفهما المشاق في طاعة الله، وأن يؤدب ولده أن أذنب، وأن يقيم عليه الحد، ونحو ذلك.
ومنها قوله: " وما تقدم من خير يبق لك ذخره وما تؤخره يكن لغيرك خيره "، وقد سبق مثل هذا، وأن ما يتركه الانسان بعده فقد حرم نفعه، وكأنما كان يكدح لغيره، وذلك من الشقاوة وقلة التوفيق.
و منها قوله: " واحذر صحابة من يفيل رأيه " الصحابة بفتح الصاد، مصدر صحبت و الصحابة بالفتح أيضا جمع صاحب، والمراد هاهنا الأول، وفال رأيه: فسد، وهذا المعنى قد تكرر، وقال طرفة:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فإن القرين بالمقارن يقتدى.
ومنها قوله: " وأسكن الأمصار العظام "، قد قيل: لا تسكن إلا في مصر فيه سوق قائمة، ونهر، جار وطبيب حاذق، وسلطان عادل، فأما منازل الغفلة والجفاء، فمثل قرى السواد الصغار، فإن أهلها لا نور فيهم، ولا ضوء عليهم، وإنما هم كالدواب