شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٤٨
من خمسين ألف دينار وهذه حاله، لم تظهر عليه آثار نعمتنا! والله لا دفعت إليه شيئا، وخروج ولم يعطه.
ومنها قوله واعلم أن أفضل المؤمنين أفضلهم تقدمة من نفسه وأهله وماله "، أي أفضلهم إنفاقا في البر والخير من ماله، وهي التقدمة، قال الله تعالى: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه) (1)، فأما النفس والأهل، فإن تقدمتهما في الجهاد، وقد تكون التقدمة في النفس بأن يشفع شفاعة حسنة أو يحضر عند السلطان بكلام طيب، وثنا حسن، وأن يصلح بين المتخاصمين، ونحو ذلك، والتقدمة في الأهل أن يحج بولده وزوجته ويكلفهما المشاق في طاعة الله، وأن يؤدب ولده أن أذنب، وأن يقيم عليه الحد، ونحو ذلك.
ومنها قوله: " وما تقدم من خير يبق لك ذخره وما تؤخره يكن لغيرك خيره "، وقد سبق مثل هذا، وأن ما يتركه الانسان بعده فقد حرم نفعه، وكأنما كان يكدح لغيره، وذلك من الشقاوة وقلة التوفيق.
و منها قوله: " واحذر صحابة من يفيل رأيه " الصحابة بفتح الصاد، مصدر صحبت و الصحابة بالفتح أيضا جمع صاحب، والمراد هاهنا الأول، وفال رأيه: فسد، وهذا المعنى قد تكرر، وقال طرفة:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فإن القرين بالمقارن يقتدى.
ومنها قوله: " وأسكن الأمصار العظام "، قد قيل: لا تسكن إلا في مصر فيه سوق قائمة، ونهر، جار وطبيب حاذق، وسلطان عادل، فأما منازل الغفلة والجفاء، فمثل قرى السواد الصغار، فإن أهلها لا نور فيهم، ولا ضوء عليهم، وإنما هم كالدواب

(1) سورة البق ة 110.
(٤٨)
مفاتيح البحث: الغفلة (1)، الشفاعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407