الشرح:
قد تقدم ذكر قثم ونسبه. أمره أن يقيم للناس حجهم، وأن يذكرهم بأيام الله، وهي أيام الانعام وأيام الانتقام، لتحصل الرغبة والرهبة.
واجلس لهم العصرين: الغداة والعشي.
ثم قسم له ثمرة جلوسه لهم ثلاثة أقسام: إما أن يفتى مستفتيا من العامة في بعض الأحكام ، وأما أن يعلم متعلما يطلب الفقه، وإما أن يذاكر (١) عالما ويباحثه ويفاوضه ولم يذكر السياسة والأمور السلطانية لان غرضه متعلق بالحجيج، وهم أضيافه، يقيمون ليالي يسيرة ويقفلون، وإنما يذكر السياسة وما يتعلق بها فيما يرجع إلى أهل مكة، ومن يدخل تحت ولايته دائما، ثم نهاه عن توسط السفراء والحجاب بينه وبينهم، بل ينبغي أن يكون سفيره لسانه، وحاجبه وجهه، وروى " ولا يكن إلا لسانك سفيرا لك إلى الناس " بجعل " لسانك " اسم كان مثل قوله: ﴿فما كان جواب قومه إلا أن قالوا﴾ (2)، والرواية الأولى هي المشهورة، وهو أن يكون " سفيرا " اسم كان، ولك خبرها، ولا يصح ما قاله الراوندي: إن خبرها " إلى الناس "، لان " إلى " هاهنا متعلقة بنفس " سفير " فلا يجوز أن تكون الخبر عن " سفير " تقول: سفرت إلى بنى فلان في الصلح، وإذا تعلق حرف الجر بالكلمة صار كالشئ الواحد.
ثم قال: فإنها أن ذيدت أي طردت ودفعت.
كان أبو عباد ثابت بن يحيى كاتب المأمون إذا سئل الحاجة يشتم السائل، ويسطو عليه ويخجله، ويبكته ساعة ثم يأمر له بها، فيقوم وقد صارت إليه وهو يذمه ويلعنه قال علي بن جبلة العكوك: