شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٢٧٢
فإن قلت: فما مثال الحكمة وخلافها، وإن لم يذكر (عليه والسلام) مثاله؟
قلت كالشجاعة في القلب وضدها الجبن وكالجود وضده البخل، وكالعفة وضدها الفجور، ونحو ذلك.
فأما الأمور التي عددها (عليه السلام) فكلام مستأنف، إنما هو بيان أن كل شئ مما يتعلق بالقلب يلزمه لازم آخر نحو الرجاء، فإن الانسان إذا اشتد رجاؤه أذله الطمع، والطمع يتبع الرجاء، والفرق بين الطمع والرجاء أن الرجاء توقع منفعة ممن سبيله أن تصدر تلك المنفعة عنه، والطمع توقع منفعة ممن يستبعد وقوع تلك المنفعة منه، ثم قال:
وإن هاج به الطمع قتله الحرص، وذلك لان الحرص يتبع الطمع، إذا لم يعلم الطامع أنه طامع، وإنما يظن أنه راج.
ثم قال: وإن ملكه اليأس، قتله الأسف، أكثر الناس إذا يئسوا أسفوا.
ثم عدد الأخلاق وغيرها من الأمور الواردة في الفصل إلى آخره، ثم ختمه بأن قال:
" فكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد "، وقد سبق كلامنا في العدالة، وإنها الدرجة الوسطى بين طرفين هما رذيلتان، والعدالة هي الفضيلة، كالجود الذي يكتنفه التبذير والامساك والذكاء الذي يكتنفه الغباوة. والجربزة (1)، والشجاعة التي يكتنفها الهوج والجبن، وشرحنا ما قاله الحكماء في ذلك شرحا كافيا، فلا معنى لإعادته.

(1) الجريرة: الخب والخديعة.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407