(105) الأصل:
لقد علق بنياط هذا الانسان بضعة هي أعجب ما فيه وهو القلب، وذلك أن له مواد من الحكمة وأضدادا من خلافها، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعده الرضا نسي التحفظ، وإن غاله الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الامر استلبته الغرة، وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته الفاقة شغله البلاء، وإن جهده الجوع قعدت به الضعة وإن أفرط به الشبع كظته البطنة، فكل تقصير به مضر وكل إفراط له مفسد.
* * * الشرح:
روى: " قعد به الضعف ". والنياط عرق علق به القلب من الوتين، فإذا قطع مات صاحبه، ويقال له النيط أيضا. والبضعة بفتح الباء: القطعة من اللحم، والمراد بها هاهنا القلب، وقال يعتور القلب حالات مختلفات متضادات، فبعضها من الحكمة، وبعضها - وهو المضاد لها - مناف للحكمة ولم يذكرها (عليه السلام)، وليست الأمور التي عددها شرحا لما قدمه من هذا الكلام المجمل، وإن ظن قوم أنه أراد ذلك، ألا ترى أن الأمور مثال الحكمة وخلافها!