شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ١٤٧
لا يعاقب من عصاه بالقتل، بالخلود في العذاب الأليم! وقد رأى ما قد عقدت عليه قلبك، وعملته جوارحك، ونظر إليه بصرك، واجترحته يداك ومشت إليه رجلاك. وانظر هل يغنى عنك ما شححت عليه من أمر الدنيا إذا انتزعه من يدك ودعاك إلى الحساب على ما منحك!
فبكى المنصور وقال: ليتني لم أخلق! ويحك فكيف أحتال لنفسي؟ قال: إن للناس أعلاما يفزعون إليهم في دينهم، ويرضون بقولهم، فاجعلهم بطانتك يرشدوك، و شاورهم في أمرك يسددوك، قال: قد بعثت إليهم فهربوا منى قال: نعم خافوا أن تحملهم على طريقك، ولكن افتح بابك، وسهل حجابك وانظر المظلوم، واقمع الظالم، وخذ الفئ والصدقات مما حل وطاب واقسمه بالحق والعدل على أهله، وأنا الضامن عنهم أن يأتوك ويسعدوك على صلاح الأمة.
وجاء المؤذنون فسلموا عليه، ونادوا بالصلاة، فقام وصلى، وعاد إلى مجلسه، فطلب الرجل فلم يوجد (1).
وروى أبن قتيبة أيضا في الكتاب المذكور أن عمرو بن عبيد قال للمنصور: إن الله أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك منه ببعضها، واذكر ليلة تتمخض لك صبيحتها عن يوم القيامة - قال: يعنى ليلة موته - فوجم المنصور، فقال الربيع: حسبك، فقد عممت أمير المؤمنين، فقال عمرو بن عبيد: إن هذا صحبك عشرين سنة لم ير عليه أن ينصحك يوما واحدا، ولم يعمل وراء بابك بشئ مما في كتاب الله ولا في سنة نبيه! قال أبو جعفر: فما أصنع؟ قد قلت لك، خاتمي في يدك فهلم أنت وأصحابك فاكفني، فقال عمرو: دعنا بعدلك نسخ بأنفسنا بعونك، وببابك مظالم كثيرة (2)، فارددها نعلم أنك صادق (2).

(1) عيون الأخبار 2: 333 - 337.
(2) عيون الأخبار: " ألف مظلمة ".
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407