(٢٥) الأصل:
يا بن آدم إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره.
* * * الشرح:
هذا الكلام تخويف وتحذير من الاستدراج، قال سبحانه: ﴿سنستدرجهم من حيث لا يعلمون﴾ (1)، وذلك لان العبد بغروره يعتقد أن موالاة النعم عليه وهو عاص من باب الرضا عنه، ولا يعلم أنه استدراج له ونقمة عليه.
فإن قلت: كيف يصح القول بالاستدراج على أصولكم في العدل؟ أليس معنى الاستدراج إيهام العبد أنه سبحانه غير ساخط فعله ومعصيته! فهل هذا الاستدراج إلا مفسدة وسبب إلى الاصرار على القبيح!
قلت: إذا كان المكلف عالما بقبح القبيح، أو متمكنا من العلم بقبحه ثم رأى النعم تتوالى عليه وهو مصر على المعصية، كان ترادف تلك النعم كالمنبه له على وجوب الحذر، مثال ذلك من هو في خدمه ملك، وهو عون ذلك الملك في دولته، ويعلم أن الملك قد عرف حاله، ثم يرى نعم الملك مترادفة إليه، فإنه يجب بمقتضى الاحتياط أن يشتد حذره، لأنه يقول: ليست حالي مع الملك حال من يستحق هذه النعم، وما هذه إلا مكيدة وتحتها غائلة، فيجب إذن عليه أن يحذر.