وقال ابن قتيبة في الكتاب المذكور: وقد قام أعرابي بين يدي سليمان بن عبد الملك بنحو هذا، قال له: إني مكلمك يا أمير المؤمنين بكلام [فيه بعض الغلظة] (1) فاحتمله إن كرهته، فإن وراءه ما تحب، قال: قل، قال: إني سأطلق لساني بما خرست عنه الألسن من عظتك تأديه لحق الله. إنك قد تكنفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم، فابتاعوا دنياهم بدينهم، فهم حرب الآخرة، سلم الدنيا، فلا تأمنهم على ما ائتمنك الله عليه، فإنهم لم يألوا الأمانة تضييعا، والأمة خسفا، وأنت مسؤول عما اجترحوا، وليسوا مسؤولين عما اجترحت، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك. فإن أعظم الناس غبنا من باع آخرته بدنيا غيره. قال: فقال سليمان: أما أنت يا أعرابي، فإنك قد سللت علينا عاجلا لسانك، وهو أقطع سيفيك، فقال: أجل، لقد سللته، ولكن لك لا عليك (2)
(١٤٨)