دخل عمر بن عبد العزيز على سليمان بن عبد الملك وعنده أيوب ابنه - وهو يومئذ ولى عهده - قد عقد له من بعده، فجاء إنسان يطلب ميراثا من بعض نساء الخلفاء، فقال سليمان: ما إخال النساء يرثن في العقار شيئا، فقال عمر بن عبد العزيز: سبحان الله! وأين كتاب الله! فقال سليمان: يا غلام، اذهب فأتني بسجل عبد الملك الذي كتب في ذلك، فقال له عمر: لكأنك أرسلت إلى المصحف! فقال أيوب بن سليمان: والله ليوشكن الرجل يتكلم بمثل هذا عند أمير المؤمنين. فلا يشعر حتى يفارقه رأسه فقال عمر: إذا أفضى الامر إليك وإلى أمثالك كان ما يدخل على الاسلام أشد مما يخشى عليكم من هذا القول، ثم قام فخرج.
وروى إبراهيم بن هشام بن يحيى، قال حدثني أبي، عن جدي، قال كان عمر بن عبد العزيز ينهى سليمان بن عبد الملك عن قتل الحرورية، ويقول: ضمنهم الحبوس حتى يحدثوا توبة، فأتى سليمان بحروري مستقتل، وعنده عمر بن عبد العزيز، فقال سليمان للحروري: ماذا تقول؟ قال: ما أقول يا فاسق يا بن الفاسق! فقال سليمان لعمر: ما ترى يا أبا حفص؟ فسكت، فقال: أقسمت عليك لتخبرني ماذا ترى عليه! فقال: أرى أن تشتمه كما شتمك، وتشتم أباه كما شتم أباك، فقال سليمان: أو ليس إلا! قال: أو ليس إلا، فلم يرجع سليمان إلى قوله، وأمر بضرب عنق الحروري.
وروى ابن قتيبة في كتاب " عيون الأخبار " قال: بينما المنصور يطوف ليلا بالبيت سمع قائلا يقول: اللهم إليك أشكو ظهور البغي والفساد، وما يحول بين الحق وأهله من الطمع. فخرج المنصور فجلس ناحية من المسجد، وأرسل إلى الرجل يدعوه، فصلى ركعتين، واستلم الركن، وأقبل على المنصور فسلم عليه بالخلافة، فقال المنصور: ما الذي سمعتك تقوله من ظهور البغي والفساد في الأرض، وما يحول بين الحق