شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ١٤٥
وأهله من الطمع؟ فوالله لقد حشوت مسامعي ما أرمضني (1) فقال: يا أمير المؤمنين، إن أمنتني على نفسي أنبأتك بالأمور من أصولها، وإلا احتجزت منك، واقتصرت على نفسي فلي فيها شاغل، قال: أنت آمن على نفسك، فقل فقال: إن الذي دخله الطمع حتى حال بينه وبين إصلاح ما ظهر من البغي والفساد لأنت قال: ويحك! وكيف يدخلني الطمع والصفراء والبيضاء في قبضتي، والحلو والحامض عندي! قال: وهل دخل أحد من الطمع ما دخلك! إن الله عز وجل استرعاك المسلمين وأموالهم، فأغفلت أمورهم، واهتممت بجمع أموالهم، وجعلت بينك وبينهم حجبا من الجص والاجر، وأبوابا من الحديد، وحجته معهم السلاح، ثم سجنت نفسك فيها منهم، وبعثت عمالك في جباية الأموال وجمعها، فقويتهم بالسلاح والرجال و الكراع، وأمرت بالا يدخل عليك إلا فلان وفلان، نفر سميتهم، ولم تأمر بإيصال المظلوم والملهوف، ولا الجائع والفقير، ولا الضعيف والعاري، ولا أحد ممن له في هذا المال حق فما زال هؤلاء النفر الذين استخلصتهم لنفسك، وآثرتهم على رعيتك، وأمرت ألا يحجبوا عنك، يجبون الأموال ويجمعونها ويحجبونها، وقالوا: هذا رجل قد خان الله، فما لنا لا نخوته، وقد سخرنا! فائتمروا على ألا يصل إليك من أخبار الناس شئ إلا ما أرادوا، ولا يخرج لك عامل فيخالف أمرهم إلا بغضوه (2) عندك وبغوه الغوائل، حتى تسقط منزلته ويصغر قدره. فلما انتشر ذلك عنك وعنهم أعظمهم الناس وهابوهم، وكان أول من صانعهم عمالك بالهدايا والأموال ليقووا بها على ظلم رعيتك، ثم فعل ذلك ذوو القدرة والثروة من رعيتك لينالوا به ظلم من، دونهم فامتلأت بلاد الله بالطمع بغيا وفسادا، وصار هؤلاء القوم شركائك في سلطنتك وأنت غافل، فإن جاء متظلم حيل بينه وبين دخول

(1) ب: " أمرضى "، والصواب ما أثبته من ا، د وعيون الأخبار.
(2) عيون الأخبار: " قصبوه " أي عابوه.
(١٤٥)
مفاتيح البحث: الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407