واعلم أنا قد وجدنا تصديق ما قاله (عليه السلام) في العلوم والفضائل والخصائص النفسانية، دع حديث الدنيا والسلطان والرياسة، فإن المحظوظ من علم أو من فضيلة تضاف إليه شوارد تلك الفضيلة وشوارد ذلك الفن، مثاله حظ على (عليه السلام) من الشجاعة، ومن الأمثال الحكمية قل أن ترى مثلا شاردا أو كلمة حكمية الا وتضيفها الناس إليه وكذلك ما يدعى العامة له من الشجاعة وقتل الابطال حتى يقال: إنه حمل على سبعين ألفا فهزمهم، وقتل الجن في البئر، وفتل الطوق في عنق خالد بن الوليد. وكذلك حظ عنترة بن شداد في الشجاعة، يذكر له من الاخبار ما لم يكن، وكذلك ما اشتهر به أبو نواس في وصف الخمر، يضاف إليه من الشعر في هذا الفن ما لم يكن قاله، وكذلك جود حاتم وعبد الله بن جعفر ونحو ذلك، وبالعكس من لاحظ له ينفى عنه ما هو حقيقة له، فقد رأينا كثيرا من الشعر الجيد ينفى عن قائله استحقارا له، لأنه خامل الذكر، وينسب إلى غيره، بل رأينا كتبا مصنفة في فنون من العلوم خمل ذكر مصنفيها ونسبت إلى غيرهم من ذوي النباهة والصيت، وكل ذلك منسوب إلى الجد والاقبال.
(١٠٦)