قال: لما قدم عبد الملك الكوفة بعد قتل مصعب دعا الناس يعرضهم على فرائضهم، فحضرنا بين يديه، فقال: من القوم؟ قلنا: جديلة، فقال جديلة عدوان؟ قلنا: نعم، فأنشده:
عذير الحي من عدوان * كانوا حية الأرض (1) بغى بعضهم بعضا * فلم يرعوا على بعض ومنهم كانت السادات * والموفون بالقرض ومنهم حكم يقضى: فلا ينقض ما يقضى ومنهم من يجيز الناس * بالسنة والفرض ثم أقبل على رجل منا وسيم جسيم قدمناه أمامنا، فقال: أيكم يقول هذا الشعر؟
قال: لا أدري، فقلت أنا من خلفه: يقوله ذو الإصبع، فتركني وأقبل على ذلك الرجل الجسيم، فقال: ما كان اسم ذي الإصبع؟ قال: لا أدري، فقلت أنا من خلفه: اسمه حرثان، فتركني وأقبل عليه، فقال له: ولم سمى ذا الإصبع؟ قال: لا أدرى، فقلت أنا من خلفه: نهشته حية في إصبعه، فأقبل عليه وتركني، فقال: من أيكم كان؟ فقال:
لا أدرى فقلت أنا من خلفه: من بنى تاج الذين يقول الشاعر فيهم:
فأما بنو تاج فلا تذكرنهم * ولا تتبعن عيناك من كان هالكا فأقبل على الجسيم، فقال: كم عطاؤك؟ قال: سبعمائة درهم، فأقبل على، وقال:
وكم عطاؤك أنت: قلت أربعمائة، فقال: يا أبا الزعيزعة، حط من عطاء هذا ثلاثمائة، وزدها في عطاء هذا، فرحت وعطائي سبعمائة وعطاؤه أربعمائة (2):
وأنشد منشد بحضرة الواثق هارون بن المعتصم: