مكانك، فإنما هو عذر أو يمين، فقد وهبتهما لك، وقد تكرر منك ذلك، فلا تزال تسئ ونحسن، وتذنب ونغفر، حتى يكون العفو هو الذي يصلحك!
وكان يقال: أحسن أفعال القادر العفو، وأقبحها الانتقام.
وكان يقال: ظفر الكريم عفو، وعفو (1) اللئيم عقوبة.
وكان يقال: رب ذنب مقدار العقوبة عليه إعلام المذنب به، ولا يجاوز به حد الارتفاع إلى الايقاع وكان يقال: ما عفا عن الذنب من قرع به.
ومن الحلم الذي يتضمن كبرا مستحسنا، ما روى أن مصعب بن الزبير لما ولى العراق عرض الناس ليدفع إليهم أرزاقهم، فنادى مناديه: أين عمرو بن جرموز؟ فقيل له:
أيها الأمير، إنه أبعد في الأرض، قال: أو ظن الأحمق أنى أقتله بأبي عبد الله! قولوا له:
فليظهر آمنا، وليأخذ عطاءه مسلما.
وأكثر رجل من سب الأحنف وهو لا يجيبه، فقال الرجل: ويلي عليه! والله ما منعه من جوابي إلا هواني عنده!
وقال لقيط بن زرارة:
فقل لبني سعد ومالي وما لكم * ترقون منى ما استطعتم وأعتق أغركم أنى بأحسن شيمة * بصير وأنى بالفواحش أخرق!
وأنك قد ساببتني فقهرتني * هنيئا مريئا أنت بالفحش أحذق وقال المأمون لإبراهيم بن المهدى لما ظفر به: إني قد شاورت في أمرك، فأشير على بقتلك، إلا أنى وجدت قدرك فوق ذنبك، فكرهت قتلك للازم حرمتك. فقال إبراهيم يا أمير المؤمنين، إن المشير أشار بما تقتضيه السياسة، وتوجيه العادة، إلا أنك أبيت أن