(9) الأصل:
إذا أقبلت الدنيا على قوم أعارتهم محاسن غيرهم، وإذا أدبرت عنهم سلبتهم محاسن أنفسهم.
* * * الشرح: كان الرشيد أيام كان حسن الرأي في جعفر بن يحيى يحلف، بالله أن جعفرا أفصح من قس بن ساعدة، وأشجع من عامر بن الطفيل، وأكتب من عبد الحميد بن يحيى، وأسوس من عمر بن الخطاب، وأحسن من مصعب بن الزبير - وكان جعفر أو ليس بحسن الصورة، وكان طويل الوجه جدا - وأنصح له من الحجاج لعبد الملك، وأسمح من عبد الله بن جعفر، وأعف من يوسف بن يعقوب، فلما تغير راية فيه أنكر محاسنه الحقيقية التي لا يختلف اثنان أنها فيه، نحو كياسته وسماحته، ولم يكن أحد يجسر أن يرد على جعفر قولا ولا رأيا، فيقال: إن أول ما ظهر من تغير الرشيد له أنه كلم الفضل بن الربيع بشئ فرده عليه الفضل، ولم تجر عادته من قبل أن يفتح فاه في وجهه، فأنكر سليمان بن أبي جعفر ذلك على الفضل، فغضب الرشيد لانكار سليمان، وقال: ما دخولك بين أخي ومولاي؟
كالراضي بما كان من الفضل ثم تكلم جعفر بشئ قاله للفضل، فقال الفضل:
اشهد عليه يا أمير المؤمنين، فقال جعفر: فض الله فاك يا جاهل! إذا كان أمير المؤمنين الشاهد، فمن الحاكم المشهود عنده؟ فضحك الرشيد، وقال: يا فضل، لا تمار جعفرا، فإنك لا تقع منه موقعا.