من منع العترة حقها والعمومة ميراثها قد كان موافقا لجلة قريش وكبراء العرب ولأن عثمان أيضا كان مضعوفا في نفسه مستخفا بقدره لا يمنع ضيما ولا يقمع عدوا. ولقد وثب ناس على عثمان بالشتم والقذف والتشنيع والنكير لأمور لو أتى أضعافها وبلغ أقصاها لما اجترأوا على اغتيابه فضلا على مبادأته والإغراء به ومواجهته كما أغلظ عيينة بن حصن له فقال له: أما إنه لو كان عمر لقمعك ومنعك فقال. عيينة: إن عمر كان خيرا لي منك أرهبني فاتقاني.
ثم قال: والعجب أنا وجدنا جميع من خالفنا في الميراث على اختلافهم في التشبيه والقدر والوعيد يرد كل صنف منهم من أحاديث مخالفيه وخصومه ما هو أقرب أسنادا وأصح رجالا وأحسن اتصالا. حتى إذا صاروا إلى القول في ميراث النبي صلى الله عليه وسلم نسخوا الكتاب وخصوا الخبر العام بما لا يداني بعض ما ردوه وأكذبوا قائليه وذلك أن كل إنسان منهم إنما يجرى إلى هواه ويصدق ما وافق رضاه.
هذا آخر كلام الجاحظ (1).
* * * ثم قال المرتضى رضي الله عنه: فإن قيل ليس ما عارض به الجاحظ من الاستدلال بترك النكير وقوله: كما لم ينكروا على أبى بكر فلم ينكروا أيضا على فاطمة ع ولا على غيرها من الطالبين بالإرث كالأزواج وغيرهن معارضة صحيحة وذلك أن نكير أبى بكر لذلك ودفعها والاحتجاج عليها ويكفيهم ويغنيهم عن تكلف نكير آخر ولم ينكر على أبى بكر ما رواه منكر فيستغنوا بانكاره (2).
قلنا: أول ما يبطل هذا السؤال أن أبا بكر لم ينكر عليها ما أقامت عليه بعد