وقد قال الشعراء المتقدمون والمتأخرون فأكثروا نحو قولهم:
وفى الناس إن رثت حبالك واصل * وفى الأرض عن دار القلى متحول (1).
وقول تأبط شرا (2) إني إذا خلة ضنت بنائلها * وأمسكت بضعيف الحبل أحذاقي (3) نجوت منها نجائي من بجيلة إذ * ألقيت ليله خبت الرهط أرواقي (4) وخامس عشرها قوله: لا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته، ولا تكونن على الإساءة أقوى منك على الاحسان ". هذا أمر له بأن يصل من قطعه، وأن يحسن إلى من أساء إليه.
ظفر المأمون عبد الله بن هارون الرشيد بكتب قد كتبها محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام إلى أهل الكرخ وغيرهم من أعمال أصفهان يدعوهم فيها إلى نفسه، فأحضرها بين يديه، ودفعها إليه، وقال له: أتعرف هذه؟ فأطرق خجلا، فقال له: أنت آمن، وقد وهبت هذا الذنب لعلى وفاطمة عليهما السلام، فقم إلى منزلك، وتخير ما شئت من الذنوب، فإنا نتخير لك مثل ذلك من العفو.
وسادس عشرها قوله: " لا يكبرن عليك ظلم من ظلمك، فإنه يسعى في مضرته ونفعك وليس جزاء من سرك أن تسوءه "، جاء في الخبر المرفوع أنه صلى الله عليه وآله سمع عائشة تدعو على من سرق عقدا لها فقال لها: " لا تمسحي عنه بدعائك، أي لا تخففي عذابه ".
وقوله عليه السلام وليس جزاء من سرك أن تسوءه "، يقول لا تنتقم ممن ظلمك فإنه قد نفعك في الآخرة بظلمه لك، وليس جزاء من ينفع إنسانا أن يسئ إليه. وهذا مقام جليل