دولة، وهم جند لهم أبدان وأجسام، ومناكب وكواهل، وهامات ولحى، وشوارب وأصوات هائلة، ولغات فخمة، تخرج من أجواف منكرة.
وبعد، فكأني أتفاءل جانب المشرق فإن مطلع الشمس سراج الدنيا، ومصباح هذا الخلق. فجاء الامر كما دبر، وكما قدر، فإن كان الرأي الذي رأى صوابا فقد وافق الرشاد، وطبق المفصل، وإن كان ذلك عن رواية متقدمة، فلم يتلق تلك الرواية إلا عن نبوة.
قالوا: وأما قولكم: إن منا رجلا مكث أربعين سنة أميرا وخليفة، فإن الامارة لا تعد فخرا مع الخلافة، ولا تضم إليها، ونحن نقول: إن منا رجلا مكث سبعا وأربعين سنة خليفة، وهو أحمد الناصر بن الحسن المستضئ، ومنا رجل مكث خمسا وأربعين سنة خليفة، وهو عبد الله القائم ومكث أبوه أحمد القادر ثلاثا وأربعين سنة خليفة، فملكهما أكثر من ملك بنى أمية كلهم، وهم أربع عشرة خليفة.
ويقول الطالبيون: منا رجل مكث ستين سنة خليفة وهو معد بن الطاهر صاحب مصر، وهذه مدة لم يبلغها خليفة ولا ملك من ملوك العرب في قديم الدهر ولا في حديثه.
وقلتم: لنا عاتكة بنت يزيد يكتنفها خمسة من الخلفاء، ونحن نقول: لنا زبيدة بنت جعفر يكتنفها ثمانية من الخلفاء، جدها المنصور خليفة، وعم أبيها السفاح خليفة وعمها المهدى خليفة، وابن عمها الهادي خليفة، وبعلها الرشيد خليفة، وابنها الأمين خليفة، وابنا بعلها المأمون والمعتصم خليفتان.
قالوا: وأما ما ذكرتموه من الأعياص والعنابس فلسنا نصدقكم فيما زعمتموه أصلا بهذه التسمية، وإنما سموا الأعياص لمكان العيص وأبى العيص والعاص وأبى العاص، وهذه أسماؤهم، الاعلام ليست مشتقة من أفعال لهم كريمة ولا خسيسة. وأما العنابس،