شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٣٧
أن يصرح لمعاوية في مكتوبه بباطن الحال، ويقول له: أنا منصوص على من رسول الله صلى الله عليه وآله، ومعهود إلى المسلمين أن أكون خليفة فيهم بلا فصل، فيكون في ذلك طعن على الأئمة المتقدمين، وتفسد حاله مع الذين بايعوه من أهل المدينة، وهذا القول من الامامية دعوى لو عضدها دليل لوجب أن يقال بها، ويصار إليها، ولكن لا دليل لهم على ما يذهبون إليه من الأصول التي تسوقهم إلى حمل هذا الكلام على التقية.
فأما قوله عليه السلام (وقد أكثرت في قتلة عثمان، فادخل فيما دخل فيه المسلمون، ثم حاكم القوم إلى أحملك وإياهم على كتاب الله)، فيجب أن يذكر في شرحه ما يقول المتكلمون في هذه الواقعة.
قال أصحابنا المعتزلة رحمهم الله: هذا الكلام حق وصواب، لان أولياء الدم يجب أن يبايعوا الامام ويدخلوا تحت طاعته، ثم يرفعوا خصومهم إليه، فان حكم بالحق استديمت إمامته، وإن حاد عن الحق انقضت خلافته، وأولياء عثمان الذين هم بنوه لم يبايعوا عليا عليه السلام، ولا دخلوا تحت طاعته ثم، وكذلك معاوية ابن عم عثمان لم يبايع ولا أطاع، فمطالبتهم له بأن يقتص لهم من قاتلي عثمان قبل بيعتهم إياه وطاعتهم له ظلم منهم وعدوان.
فان قلت: هب أن القصاص من قتلة عثمان موقوف على ما ذكره عليه السلام، اما كان يجب عليه لا من طريق القصاص أن ينهى عن المنكر وأنتم تذهبون إلى أن النهى عن المنكر واجب على من هو سوقة، فكيف على الامام الأعظم.
قلت هذا غير وارد هاهنا، لان النهى عن المنكر إنما يجب قبل وقوع المنكر، لكيلا يقع، فإذا وقع المنكر، فأي نهى يكون عنه وقد نهى علي عليه السلام أهل مصر وغيرهم عن قتل عثمان قبل قتله مرارا، ونابذهم بيده ولسانه وبأولاده فلم يغن
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213