فقتلنا النصف من ساداتهم * وعدلنا ميل بدر فاعتدل لا ألوم النفس إلا أننا * لو كررنا لفعلنا المفتعل بسيوف الهند تعلو هامهم * تبرد الغيظ ويشفين الغلل (1).
قلت كثير من الناس يعتقدون أن هذا البيت ليزيد بن معاوية، وهو قوله (ليت أشياخي)، وقال من أكره التصريح باسمه: هذا البيت ليزيد، فقلت له إنما قاله يزيد متمثلا لما حمل إليه رأس الحسين عليه السلام، وهو لابن الزبعرى، فلم تسكن نفسه إلى ذلك، حتى أوضحته له، فقلت ألا تراه يقول: (جزع الخزرج من وقع الأسل)، والحسين عليه السلام لم تحارب عنه الخزرج، وكان يليق أن يقول (جزع بني هاشم من وقع الأسل)، فقال بعض من كان حاضرا لعله قاله في يوم الحرة فقلت المنقول أنه أنشده لما حمل إليه رأس الحسين عليه السلام، والمنقول أنه شعر ابن الزبعرى، ولا يجوز أن يترك المنقول إلى ما ليس بمنقول.
وعلى ذكر هذا الشعر فإني حضرت وأنا غلام بالنظامية ببغداد في بيت عبد القادر بن داود الواسطي المعروف بالمحب، خازن دار الكتب بها وعنده في البيت باتكين الرومي الذي ولى أربل أخيرا وعنده أيضا جعفر بن مكي الحاجب، فجرى ذكر يوم أحد وشعر ابن الزبعرى هذا وغيره، وأن المسلمين اعتصموا بالجبل، فاصعدوا فيه، وإن الليل حال أيضا بين المشركين وبينهم، فأنشد ابن مكي بيتين لأبي تمام متمثلا.
لولا الظلام وقلة علقوا بها باتت رقابهم بغير قلال (2)