حماره، فدفع إليه الكتاب، فقرأه عليه أبي بن كعب، واستكتم أبيا ما فيه، ودخل منزل سعد بن الربيع، فقال: أفي البيت أحد فقال سعد: لا، فتكلم بحاجتك، فأخبره بكتاب العباس بن عبد المطلب، فجعل سعد يقول: يا رسول الله، والله إني لأرجو ا أن يكون في ذلك خير، وأرجعت (1) يهود المدينة والمنافقون، وقالوا: ما جاء محمدا شئ يحبه، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وقد استكتم سعد بن الربيع الخبر فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من منزله، خرجت امرأة سعد بن الربيع إليه، فقالت: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما لك ولذاك، لا أم لك قالت كنت أستمع عليكم، وأخبرت سعدا الخبر، فاسترجع سعد، وقال لا أراك تستمعين علينا وأنا أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم بحاجتك ثم أخذ بجمع لمتها (2)، ثم خرج يعدو بها حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله بالجسر، وقد بلحت، فقال:
يا رسول الله إن امرأتي سألتني عما قلت فكتمتها، فقالت قد سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم جاءت بالحديث كله - فخشيت يا رسول الله أن يظهر من ذلك شئ فتظن إني أفشيت سرك، فقال صلى الله عليه وسلم: خل سبيلها وشاع الخبر بين الناس بمسير قريش وقدم عمرو بن سالم الخزاعي في نفر من خزاعة، ساروا من مكة أربعا، فوافوا قريشا وقد عسكروا بذي طوى، فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وآله الخبر، ثم انصرفوا ولقوا قريشا ببطن رابغ، وهو أربع ليال من المدينة، فنكبوا عن قريش.
قال الواقدي: فلما أصبح أبو سفيان بالأبواء أخبر أن عمرو بن سالم وأصحابه راحوا أمس ممسين إلى مكة، فقال أبو سفيان: أحلف بالله إنهم جاؤوا محمدا فخبروه بمسيرنا وعددنا (3)، وحذروه منا، فهم الان يلزمون صياصيهم، فما أرانا نصيب منهم شيئا في وجهنا. فقال صفوان بن أمية: إن لم يصحروا (4) لنا عمدنا إلى نخل الأوس والخزرج فقطعناه،