شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٢٢٠
أصبحوا بذي الحليفة خرج فرسان منهم فأنزلوهم الوطاء (1)، وبعث النبي صلى الله عليه وآله عينين له، آنسا ومؤنسا ابني فضالة ليلة الخميس، فاعترضا لقريش بالعقيق، فسارا معهم، حتى نزلوا الوطاء، وأتيا رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبراه، وكان المسلمون قد ازدرعوا العرض (2) - والعرض ما بين الوطاء بأحد إلى الجرف إلى العرصة، عرصة البقل اليوم، وكان أهله بنو سلمة وحارثة وظفر وعبد الأشهل، وكان الماء يومئذ بالجرف نشطة لا يرمم سابق الناضح مجلسا واحدا ينفتل الجمل في ساعته، حتى ذهبت بمياهه عيون الغابة التي حفرها معاوية بن أبي سفيان (3)، وكان المسلمون قد أدخلوا آلة زرعهم ليلة الخميس المدينة، فقدم المشركون على زرعهم فخلوا فيه إبلهم وخيولهم، وكان لأسيد بن حضير في العرض عشرون ناضحا تسقى شعيرا، وكان المسلمون قد حذروا على جمالهم وعمالهم وآلة حرثهم، وكان المشركون يرعون يوم الخميس، فلما أمسوا جمعوا الإبل وقصلوا عليها القصيل، وقصلوا على خيولهم ليلة الجمعة، فلما أصبحوا يوم الجمعة خلوا ظهرهم في الزرع وخيلهم، حتى تركوا العرض ليس به خضراء.
قال الواقدي: فلما نزلوا وحلوا العقد، واطمأنوا بعث رسول الله صلى الله عليه وآله الحباب بن المنذر بن الجموح إلى القوم، فدخل فيهم وحزر ونظر إلى جميع ما يريد، وكان قد بعثه سرا، وقال له: إذا رجعت فلا تخبرني بين أحد من المسلمين ألا أن ترى في القوم قلة، فرجع إليه فأخبره خاليا، وقال له: رأيت عددا حزرتهم ثلاث آلاف يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا، والخيل مائتا فرس، ورأيت دروعا ظاهرة حزرتها سبعمائة درع. وقال:
هل رأيت ظعنا قال: نعم رأيت النساء معهن الدفاف والأكبار - وهي الطبول - فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أردن أن يحرضن القوم ويذكرنهم قتلى بدر، هكذا

(1) الوطاء: ما انخفض من الأرض.
(2) العرض: الوادي.
(3) كذا وردت العبارة في لأصول وفي الواقدي وفيها غموض.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213