أصبحوا بذي الحليفة خرج فرسان منهم فأنزلوهم الوطاء (1)، وبعث النبي صلى الله عليه وآله عينين له، آنسا ومؤنسا ابني فضالة ليلة الخميس، فاعترضا لقريش بالعقيق، فسارا معهم، حتى نزلوا الوطاء، وأتيا رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبراه، وكان المسلمون قد ازدرعوا العرض (2) - والعرض ما بين الوطاء بأحد إلى الجرف إلى العرصة، عرصة البقل اليوم، وكان أهله بنو سلمة وحارثة وظفر وعبد الأشهل، وكان الماء يومئذ بالجرف نشطة لا يرمم سابق الناضح مجلسا واحدا ينفتل الجمل في ساعته، حتى ذهبت بمياهه عيون الغابة التي حفرها معاوية بن أبي سفيان (3)، وكان المسلمون قد أدخلوا آلة زرعهم ليلة الخميس المدينة، فقدم المشركون على زرعهم فخلوا فيه إبلهم وخيولهم، وكان لأسيد بن حضير في العرض عشرون ناضحا تسقى شعيرا، وكان المسلمون قد حذروا على جمالهم وعمالهم وآلة حرثهم، وكان المشركون يرعون يوم الخميس، فلما أمسوا جمعوا الإبل وقصلوا عليها القصيل، وقصلوا على خيولهم ليلة الجمعة، فلما أصبحوا يوم الجمعة خلوا ظهرهم في الزرع وخيلهم، حتى تركوا العرض ليس به خضراء.
قال الواقدي: فلما نزلوا وحلوا العقد، واطمأنوا بعث رسول الله صلى الله عليه وآله الحباب بن المنذر بن الجموح إلى القوم، فدخل فيهم وحزر ونظر إلى جميع ما يريد، وكان قد بعثه سرا، وقال له: إذا رجعت فلا تخبرني بين أحد من المسلمين ألا أن ترى في القوم قلة، فرجع إليه فأخبره خاليا، وقال له: رأيت عددا حزرتهم ثلاث آلاف يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا، والخيل مائتا فرس، ورأيت دروعا ظاهرة حزرتها سبعمائة درع. وقال:
هل رأيت ظعنا قال: نعم رأيت النساء معهن الدفاف والأكبار - وهي الطبول - فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أردن أن يحرضن القوم ويذكرنهم قتلى بدر، هكذا