كأنهم الحصا تحت الحجف (1)، ثم قال: أخشى أن يكون لهم كمين أو مدد، فصوب في الوادي ثم صعد، ثم رجع إليهم، فقال لا كمين ولا مدد فروا رأيكم (2).
قال الواقدي: ولما سمع حكيم بن حزام ما قال عمير بن وهب، مشى في الناس، فأتى عتبة بن ربيعة، فقال يا أبا الوليد، أنت كبير قريش وسيدها والمطاع فيها، فهل لك ألا تزال تذكر فيها بخير آخر الدهر، مع ما فعلت يوم عكاظ وعتبة يومئذ رئيس الناس، فقال: وما ذاك يا أبا خالد قال: ترجع بالناس، وتحمل دم حليفك، وما أصابه محمد من تلك العير ببطن نخلة، إنكم لا تطلبون من محمد شيئا غير هذا الدم والعير فقال عتبة: قد فعلت، وأنت على بذلك ثم جلس عتبة على جمله، فسار في المشركين من قريش يقول: يا قوم أطيعوني، ولا تقاتلوا هذا الرجل وأصحابه، واعصبوا هذا الامر برأسي، واجعلوا جبنها (3) في، فان منهم رجالا قرابتهم قريبة، ولا يزال الرجل منكم ينظر إلى قاتل أبيه وأخيه فيورث ذلك بينكم شحناء وأضغانا، ولن تخلصوا إلى قتلهم حتى يصيبوا منكم عددهم، مع إنه لا آمن أن تكون الدائرة عليكم، وأنتم لا تطلبون إلا دم القتيل منكم، والعير التي أصيبت، وأنا أحتمل ذلك، وهو على، يا قوم إن يك محمد كاذبا يكفيكموه ذؤبان العرب، وإن يك ملكا كنتم في ملك ابن أخيكم، وإن يك نبيا كنتم أسعد الناس به يا قوم لا تردوا نصيحتي، ولا تسفهوا رأيي فحسده أبو جهل حين سمع خطبته، وقال: إن يرجع الناس عن خطبة عتبة يكن سيد الجماعة، وكان عتبة أنطق الناس، وأطولهم لسانا، وأجملهم جمالا، ثم قال عتبة لهم:
أنشدكم الله في هذه الوجوه التي كأنها المصابيح، أن تجعلوها أندادا لهذه الوجوه التي كأنها وجوه الحيات فلما فرغ عتبة من كلامه قال أبو جهل: إن عتبة يشير عليكم بهذا