شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١٢١
به يذكرون، وبه يتفاضلون، وإنكم أصبحتم بمنزل من منازل الحق، لا يقبل الله فيه من أحد إلا ما ابتغى به وجهه. وأن الصبر في البأس مما يفرج الله به الهم، وينجي به من الغم، تدركون به النجاة في الآخرة، فيكم نبي الله يحذركم ويأمركم، فاستحيوا اليوم أن يطلع الله على شئ من أمركم يمقتكم عليه، فإنه تعالى يقول ﴿لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم﴾ (1) انظروا إلى الذي أمركم به من كتابه، وأراكم من آياته، وما أعزكم به بعد الذلة، فاستمسكوا به يرض ربكم عنكم، وابلوا ربكم في هذه المواطن أمرا تستوجبون به الذي وعدكم من رحمته ومغفرته، فإن وعده حق، وقوله صدق، وعقابه شديد، وإنما أنا وأنتم بالله الحي القيوم، إليه ألجأنا ظهورنا، وبه اعتصمنا، وعليه توكلنا، وإليه المصير، ويغفر الله لي وللمسلمين (2).
قال الواقدي: ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا تصوب من الوادي، وكان أول من طلع زمعة بن الأسود على فرس له يتبعه ابنه، فاستجال بفرسه، يريد أن يبنوا للقوم منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم إنك أنزلت على الكتاب، وأمرتني بالقتال، ووعدتني إحدى الطائفتين، وأنت لا تخلف الميعاد اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تخاذل وتكذب رسولك. اللهم نصرك الذي وعدتني اللهم أحنهم الغداة وطلع عتبة بن ربيعة على جمل أحمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إن يك في أحد من القوم خير ففي صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا.
قال الواقدي: وكان إيماء بن رحضة قد بعث إلى قريش ابنا له بعشر جزائر حين مروا به أهداها لهم، وقال: إن أحببتم أن يمدكم بسلاح ورجال فإنا معدون لذلك، مؤدون فعلنا، فأرسلوا إن وصلتك رحم، قد قضيت الذي عليك، ولعمري لئن

(١) سورة غافر ١٠.
(2) مغازي الواقدي 53.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213