به يذكرون، وبه يتفاضلون، وإنكم أصبحتم بمنزل من منازل الحق، لا يقبل الله فيه من أحد إلا ما ابتغى به وجهه. وأن الصبر في البأس مما يفرج الله به الهم، وينجي به من الغم، تدركون به النجاة في الآخرة، فيكم نبي الله يحذركم ويأمركم، فاستحيوا اليوم أن يطلع الله على شئ من أمركم يمقتكم عليه، فإنه تعالى يقول ﴿لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم﴾ (1) انظروا إلى الذي أمركم به من كتابه، وأراكم من آياته، وما أعزكم به بعد الذلة، فاستمسكوا به يرض ربكم عنكم، وابلوا ربكم في هذه المواطن أمرا تستوجبون به الذي وعدكم من رحمته ومغفرته، فإن وعده حق، وقوله صدق، وعقابه شديد، وإنما أنا وأنتم بالله الحي القيوم، إليه ألجأنا ظهورنا، وبه اعتصمنا، وعليه توكلنا، وإليه المصير، ويغفر الله لي وللمسلمين (2).
قال الواقدي: ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا تصوب من الوادي، وكان أول من طلع زمعة بن الأسود على فرس له يتبعه ابنه، فاستجال بفرسه، يريد أن يبنوا للقوم منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم إنك أنزلت على الكتاب، وأمرتني بالقتال، ووعدتني إحدى الطائفتين، وأنت لا تخلف الميعاد اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تخاذل وتكذب رسولك. اللهم نصرك الذي وعدتني اللهم أحنهم الغداة وطلع عتبة بن ربيعة على جمل أحمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إن يك في أحد من القوم خير ففي صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا.
قال الواقدي: وكان إيماء بن رحضة قد بعث إلى قريش ابنا له بعشر جزائر حين مروا به أهداها لهم، وقال: إن أحببتم أن يمدكم بسلاح ورجال فإنا معدون لذلك، مؤدون فعلنا، فأرسلوا إن وصلتك رحم، قد قضيت الذي عليك، ولعمري لئن