فيكون (مولودا)، لان لقائل أن يقول كيف يلزم من فرض كونه والدا أن يكون مولودا؟ في جوابه: انه ليس معنى الكلام انه يلزم من فرض وقوع أحدهما وقوع الاخر، وكيف وآدم والد وليس بمولود وإنما المراد انه يلزم من فرض صحه كونه والدا صحه كونه مولودا، والتالي محال والمقدم محال، و إنما قلنا إنه يلزم من فرض صحة كونه والدا صحة كونه مولودا، لأنه لو صح أن يكون والدا على التفسير المفهوم من الوالدية، وهو أن يتصور من بعض اجزائه حي آخر من نوعه على سبيل الاستحالة لذلك الجزء كما نعقله في النطفة المنفصلة من الانسان المستحيلة إلى صورة أخرى; حتى يكون منها بشر آخر من نوع الأول لصح عليه أن يكون هو مولودا من والد آخر قبله، وذلك لان الأجسام متماثلة في الجسمية، وقد ثبت ذلك بدليل عقلي واضح في مواضعه التي هي أملك به، وكل مثلين فان أحدهما يصح عليه ما يصح على الاخر، فلو صح كونه والدا يصح كونه مولودا.
واما بيان انه لا يصح كونه مولودا، فلان كل مولود متأخر عن والده بالزمان، وكل متأخر عن غيره بالزمان محدث، فالمولود محدث والباري تعالى قد ثبت انه قديم، وان الحدوث عليه محال، فاستحال أن يكون مولودا، وتم الدليل.
* * * الأصل:
ولا يوصف بشئ من الاجزاء، ولا بالجوارح والأعضاء، ولا بعرض من الاعراض، ولا بالغيرية والأبعاض، ولا يقال له حد ولا نهاية، ولا انقطاع ولا غاية; ولا إن الأشياء تحويه; فتقله أو تهويه، أو إن شيئا يحمله فيميله