الأصل:
منعتها منذ القدمة، وحمتها قد الأزلية، وجنبتها لولا التكملة، بها تجلى صانعها للعقول، وبها امتنع عن نظر العيون، ولا تجرى عليه الحركة والسكون، وكيف يجرى عليه ما هو أجراه، ويعود فيه ما هو أبداه، ويحدث فيه ما هو أحدثه.
إذا لتفاوتت ذاته، ولتجزأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه; ولكان له وراء إذ وجد له امام، ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان; وإذا لقامت آية المصنوع فيه، ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه، وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره * * * الشرح:
قد اختلف الرواة في هذا الموضع من وجهين:
أحدهما قول من نصب (القدمة) و (الأزلية) و (التكملة) فيكون نصبها عنده على أنها مفعول ثان، والمفعول الأول الضمائر المتصلة بالافعال، وتكون (منذ) و (قد) و (لولا) في موضع رفع بأنها فاعلة، وتقدير الكلام إن اطلاق لفظة (منذ) على الآلات والأدوات يمنعها عن كونها قديمة، لان لفظة (منذ) وضعت لابتداء الزمان كلفظة (من) لابتداء المكان، والقديم لا ابتداء له، وكذلك اطلاق لفظة (قد) على الآلات، والأدوات تحميها وتمنعها من كونها أزلية، لان (قد) لتقريب الماضي من الحال، تقول قد قام زيد، فقد دل على أن قيامه قريب من الحال التي أخبرت فيها