بقيامه، والأزلي لا يصح ذلك فيه، وكذلك اطلاق لفظة (لولا) على الأدوات والآلات يجنبها التكملة، ويمنعها من التمام المطلق، لان لفظة (لولا) وضعت لامتناع الشئ لوجود غيره، كقولك لولا زيد لقام عمرو، فامتناع قيام عمرو إنما هو لوجود زيد، وأنت تقول في الأدوات والآلات وكل جسم ما أحسنه لولا أنه فان وما أتمه لولا كذا فيكون المقصد والمنحى بهذا الكلام على هذه الرواية بيان أن الأدوات والآلات محدثة ناقصة، والمراد بالآلات والأدوات أربابها.
الوجه الثاني قول من رفع (القدمة) و (الأزلية) و (التكملة) فيكون كل واحد منها عنده فاعلا، وتكون الضمائر المتصلة بالافعال مفعولا أولا، و (منذ) و (قد) و (لولا) مفعولا ثانيا، ويكون المعنى إن قدم الباري وأزليته وكماله منعت الأدوات والآلات من اطلاق لفظة (منذ) و (قد) و (لولا) عليه سبحانه، لأنه تعالى قديم كامل ولفظتا (منذ) و (قد) لا يطلقان الا على محدث، لان إحداهما لابتداء الزمان والأخرى لتقريب الماضي من الحال، ولفظة (لولا) لا تطلق الا على ناقص، فيكون المقصد والمنحى بهذا الكلام على هذه الرواية بيان قدم الباري تعالى وكماله، وانه لا يصح أن يطلق عليه ألفاظ تدل على الحدوث والنقص.
* * * قوله عليه السلام (بها تجلى صانعها للعقول، وبها امتنع عن نظر العيون)، أي بهذه الآلات والأدوات التي هي حواسنا ومشاعرنا، وبخلقه إياها، وتصويره لها، تجلى للعقول وعرف، لأنه لو لم يخلقها لم يعرف، وبها امتنع عن نظر العيون، أي بها استنبطنا استحالة كونه مرئيا بالعيون، لأنا بالمشاعر والحواس كملت عقولنا، وبعقولنا استخرجنا الدلالة على أنه لا تصح رؤيته، فأذن بخلقه الآلات والأدوات لنا عرفناه عقلا، وبذلك