الأشياء بموجود، فوجب أن يكون آخرا كذلك، هذا هو مذهب جمهور أصحابنا وجمهور المسلمين.
ثم ذكر أنه يكون وحده سبحانه بلا وقت ولا مكان، ولا حين ولا زمان، وذلك لان المكان اما الجسم الذي يتمكن عليه جسم آخر، أو الجهة، و كلاهما لا وجود له بتقدير عدم الأفلاك وما في حشوها من الأجسام، اما الأول فظاهر، واما الثاني فلان الجهة لا تتحقق الا بتقدير وجود الفلك، لأنها أمر إضافي بالنسبة إليه، فبتقدير عدمه لا يبقى للجهة تحقق أصلا، وهذا هو القول في عدم المكان حينئذ، واما الزمان والوقت والحين فكل هذه الألفاظ تعطى معنى واحدا، ولا وجود لذلك المعنى بتقدير عدم الفلك، لان الزمان هو مقدار حركة الفلك، فإذا قدرنا عدم الفلك فلا حركة ولا زمان.
ثم أوضح عليه السلام ذلك وأكده، فقال: (عدمت عند ذلك الآجال والأوقات، وزالت السنون والساعات)، لان الاجل هو الوقت الذي يحل فيه الدين أو تبطل فيه الحياة، وإذا ثبت انه لا وقت، ثبت انه لا اجل، وكذلك لا سنة ولا ساعة، لأنها أوقات مخصوصة.
ثم عاد عليه السلام إلى ذكر الدنيا، فقال (بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها كان فناؤها); يعنى انها مسخرة تحت الامر الإلهي.
قال (ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها)، لأنها كانت تكون ممانعة للقديم سبحانه في مراده، وإنما تمانعه في مراده لو كانت قادرة لذاتها، ولو كانت قادرة لذاتها وأرادت البقاء لبقيت.
قوله عليه السلام (لم يتكاءده) بالمد، أي لم يشق عليه; ويجوز لم (يتكأده) بالتشديد والهمزة، واصله من العقبة الكؤود، وهي الشاقة.