ثم قال عليه السلام (ولكان له وراء إذا وجد له امام) هذا يؤكد ما قلناه انه إشارة إلى نفى الجوهر الفرد، يقول لو حلته الحركة لكان جرما وحجما; ولكان أحد وجهيه غير الوجه الاخر لا محالة، فكان منقسما، وهذا الكلام لا يستقيم الا مع نفى الجوهر الفرد، لان من أثبته يقول يصح أن تحله الحركة، ولا يكون أحد وجهيه غير الاخر، فلا يلزم أن يكون له وراء وامام.
ثم قال عليه السلام (ولا التمس التمام إذ لزمه النقصان)، هذا إشارة إلى ما يقوله الحكماء، من إن الكون عدم ونقص، والحركة وجود وكمال، فلو كان سبحانه يتحرك ويسكن لكان حال السكون ناقصا قد عدم عنه كماله، فكان ملتمسا كماله بالحركة الطارئة على السكون، وواجب الوجود، يستحيل أن يكون له حالة نقصان، وأن يكون له حالة بالقوة وأخرى بالفعل.
قوله عليه السلام (إذا لقامت آية المصنوع فيه)، وذلك لان آية المصنوع كونه متغيرا منتقلا من حال إلى حال، لأنا بذلك استدللنا على حدوث الأجسام، فلو كان تعالى متغيرا متحركا منتقلا من حال إلى حال لتحقق فيه دليل الحدوث، فكان مصنوعا، وقد ثبت انه الصانع المطلق سبحانه.
قوله عليه السلام (ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه)، يقول انا وجدنا دليلنا على الباري سبحانه، إنما هو الأجسام المتحركة، فلو كان الباري متحركا لكان دليلا على غيره، وكان فوقه صانع آخر صنعه وأحدثه، لكنه سبحانه لا صانع له ولا ذات فوق ذاته، فهو المدلول عليه والمنتهى إليه.
قوله عليه السلام (وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما أثر في غيره)، في هذا الكلام يتوهم سامعه انه عطف على قوله (لتفاوتت) و (لتجزأ) و (لامتنع)