شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٧٠
حقيقته تعالى، والسجعة الأخرى تعطى هذا المعنى أيضا من غير زيادة عليه، وهي قوله عليه السلام (ولا إياه عنى من شبهه) ولهذا قال شيوخنا إن المشبه لا يعرف الله، ولا تتوجه عباداته وصلواته إلى الله تعالى; لأنه يعبد شيئا يعتقده جسما، أو يعتقده مشابها لبعض هذه الذوات المحدثة، والعبادة تنصرف إلى المعبود بالقصد، فإذا قصد بها غير الله تعالى لم يكن قد عبد الله سبحانه ولا عرفه، وإنما يتخيل ويتوهم انه قد عرفه وعبده، وليس الامر كما تخيل وتوهم.
وثالثها قوله عليه السلام (ولا صمده من أشار إليه) أي أثبته في جهة، كما تقول الكرامية الصمد في اللغة العربية: السيد. والصمد أيضا الذي لا جوف له، وصار التصميد في الاصطلاح العرفي عبارة عن التنزيه، والذي قال عليه السلام حق، لان من أشار إليه - أي أثبته في جهة كما تقوله الكرامية - فإنه ما صمده، لأنه ما نزهه عن الجهات، بل حكم عليه بما هو من خواص الأجسام، وكذلك من توهمه سبحانه، أي من تخيل له في نفسه صورة أو هيئة أو شكلا، فإنه لم ينزهه عما يجب تنزيهه عنه.
ورابعها قوله (كل معروف بنفسه مصنوع)، هذا الكلام يجب أن يتأول، ويحمل على أن كل معروف بالمشاهدة والحس فهو مصنوع، وذلك لان الباري سبحانه معروف من طريقين: إحداهما من أفعاله، والأخرى بنفسه; وهي طريقة الحكماء الذين بحثوا في الوجود من حيث هو وجود، فعلموا انه لا بد من موجود واجب الوجود، فلم يستدلوا عليه بأفعاله، بل اخرج لهم البحث في الوجود انه لا بد من ذات يستحيل عدمها من حيث هي هي.
فان قلت كيف يحمل كلامه على أن كل معروف بالمشاهدة والحس فهو مصنوع وهذا يدخل فيه كثير من الاعراض كالألوان وإذا دخل ذلك فسدت عليه الفقرة الثانية،
(٧٠)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317