شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٨٦
وخامس عشرها: انه يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة، وذلك لان محبته للعبد ارادته أن يثيبه، ورضاه عنه أن يحمد فعله، وهذا يصح ويطلق على الباري، لا كاطلاقه علينا، لأن هذه الأوصاف يقتضى اطلاقها علينا رقة القلب، والباري ليس بجسم، واما بغضه للعبد فإرادة عقابه وغضبه كراهية فعله ووعيده بإنزال العقاب به، وفى الأغلب إنما يطلق ذلك علينا ويصح منا مع مشقة تنالنا من إزعاج القلب وغليان دمه، والباري ليس بجسم.
وسادس عشرها: انه يقول لما أراد كونه كن، فيكون من غير صوت يقرع، ولا نداء يسمع، هذا مذهب شيخنا أبى الهذيل، واليه يذهب الكرامية واتباعها من الحنابلة وغيرهم، والظاهر أن أمير المؤمنين عليه السلام أطلقه حملا على ظاهر لفظ القرآن في مخاطبة الناس بما قد سمعوه وأنسوا به، وتكرر على أسماعهم وأذهانهم، فاما باطن الآية وتأويلها الحقيقي فغير ما يسبق إلى أذهان العوام، فليطلب من موضعه.
وسابع عشرها: إن كلامه سبحانه فعل منه أنشأه، ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا، هذا هو دليل المعتزلة على نفى المعاني القديمة التي منها القرآن، وذلك لان القدم عندهم أخص صفات الباري تعالى، أو موجب عن الأخص، فلو أن في الوجود معنى قديما قائما بذات الباري; لكان ذلك المعنى مشاركا للباري في أخص صفاته، وكان يجب لذلك المعنى جميع ما وجب للباري من الصفات، نحو العالمية والقادرية وغيرهما، فكان إلها ثانيا.
فان قلت ما معنى قوله عليه السلام (ومثله)؟
قلت: يقال مثلت له كذا تمثيلا، إذا صورت له مثاله بالكتابة أو بغيرها، فالبارئ مثل القرآن لجبريل عليه السلام بالكتابة في اللوح المحفوظ فأنزله على محمد صلى الله عليه وآله.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317