شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٧٨
يقول هذا على اعتقاد وجد، ولم يذهب به مذهب اللعب والهزل، أو على طريق التفاصح والتشادق واظهار القوة، والسلاطة وذلاقة اللسان وحدة الخاطر والقوة على جدال الخصوم، ألم يعلم أبو عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان أشجع البشر، وانه خاض الحروب، وثبت في المواقف التي طاشت فيها الألباب، وبلغت القلوب الحناجر، فمنها يوم أحد، ووقوفه بعد أن فر المسلمون بأجمعهم، ولم يبق معه الا أربعة على والزبير، وطلحة، وأبو دجانة، فقاتل ورمى بالنبل حتى فنيت نبله، وانكسرت سية قوسه، وانقطع وتره، فامر عكاشة بن محصن أن يوترها، فقال يا رسول الله لا يبلغ الوتر، فقال أوتر ما بلغ قال عكاشة فوالذي بعثه بالحق لقد أوترت حتى بلغ، وطويت منه شبرا على سية القوس، ثم اخذها فما زال يرميهم، حتى نظرت إلى قوسه قد تحطمت وبارز أبي بن خلف، فقال له أصحابه إن شئت عطف عليه بعضنا فأبى، وتناول الحربة من الحارث بن الصمة ثم انتقض بأصحابه، كما ينتقض البعير، قالوا فتطايرنا عنه تطاير الشعارير (١)، فطعنه بالحربة، فجعل يخور كما يخور الثور، ولو لم يدل على ثباته حين انهزم أصحابه وتركوه الا قوله تعالى ﴿إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم﴾ (2)، فكونه عليه السلام في أخراهم وهم يصعدون ولا يلوون، هاربين، دليل على أنه ثبت ولم يفر، وثبت يوم حنين في تسعة من أهله ورهطه الأدنين، وقد فر المسلمون كلهم والنفر التسعة محدقون به والعباس آخذ بحكمة بغلته، وعلى بين يديه مصلت سيفه، والباقون حول بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله يمنة ويسرة، وقد انهزم المهاجرون والأنصار، وكلما فروا أقدم هو صلى الله عليه وآله وصمم مستقدما، يلقى السيوف والنبال بنحره وصدره، ثم اخذ كفا من

(١) الشعارير: ما يجتمع على دبرة البعير من الذبان، فإذا هيجت تطايرت عنها.
(٢) سورة آل عمران ١٥١.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317