وأسلم بنو عبد الأشهل بدعاء سعد في يوم واحد، واما من لم يسلم ابنه ولا امرأته، ولا أبوه ولا أخته بدعائه فهيهات أن يوصف ويذكر بالرفق في الدعاء وحسن التأتي والأناة.
قال الجاحظ ثم أعتق أبو بكر بعد ذلك جماعة من المعذبين في الله، وهم ست رقاب، منهم بلال وعامر بن فهيرة، وزنيرة النهدية، وابنتها ومر بجارية يعذبها عمر بن الخطاب فابتاعها منه، وأعتقها، واعتق أبا عيسى فأنزل الله فيه ﴿فاما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى...﴾ (1)، إلى آخر السورة.
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله اما بلال وعامر بن فهيرة، فإنما اعتقهما رسول الله صلى الله عليه وآله، روى ذلك الواقدي وابن إسحاق وغيرهما، واما باقي مواليهم الأربعة، فان سامحناكم في دعواكم لم يبلغ ثمنهم في تلك الحال لشدة بغض مواليهم لهم الا مائة درهم أو نحوها، فأي فخر في هذا واما الآية فان ابن عباس قال في تفسيرها (فاما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى)، أي لان يعود.
وقال غيره نزلت في مصعب بن عمير.
قال الجاحظ وقد علمتم أبو بكر في ماله، وكان ماله أربعين ألف درهم، فأنفقه في نوائب الاسلام وحقوقه، ولم يكن خفيف الظهر، قليل العيال والنسل، فيكون فاقد جميع اليسارين، بل كان ذا بنين وبنات وزوجة وخدم وحشم، ويعول والديه وما ولدا، ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله قبل ذلك عنده مشهورا، فيخاف العار في ترك مواساته، فكان انفاقه على الوجه الذي لا نجد في غاية الفضل مثله، ولقد قال النبي صلى الله عليه وآله (ما نفعني مال كما نفعني مال أبى بكر).