شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٧٦
صلى الله عليه وآله، واما فضل عمر فغير منكر وكذلك الزبير وسعد، وليس فيما ذكر ما يقتضى كون علي عليه السلام مفضولا لهم أو لغيرهم، الا قوله (وكل هذه الفضائل لم يكن لعلى عليه السلام فيها ناقة ولا جمل)، فان هذا من التعصب البارد، والحيف الفاحش، وقد قدمنا من آثار علي عليه السلام قبل الهجرة وما له إذ ذاك من المناقب والخصائص، ما هو أفضل وأعظم وأشرف من جميع ما ذكر لهؤلاء، على أن أرباب السيرة يقولون إن الشجة التي شجها سعد، وان السيف الذي سله الزبير، هو الذي جلب الحصار في الشعب على النبي صلى الله عليه وآله وبنى هاشم، وهو الذي سير جعفرا وأصحابه إلى الحبشة، وسل السيف في الوقت الذي لم يؤمر المسلمون فيه بسل السيف غير جائز، قال تعالى ﴿ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله﴾ (١)، فتبين أن التكليف له أوقات، فمنها وقت لا يصلح فيه سل السيف، ومنها وقت يصلح فيه ويجب، فاما قوله تعالى (لا يستوي منكم من أنفق) فقد ذكرنا ما عندنا من دعواهم لأبي بكر انفاق المال.
وأيضا فان الله تعالى لم يذكر انفاق المال مفردا، وإنما قرن به القتال، ولم يكن أبو بكر صاحب قتال وحرب، فلا تشمله الآية، وكان علي عليه السلام صاحب قتال وإنفاق قبل الفتح، اما قتاله فمعلوم بالضرورة، واما انفاقه فقد كان على حسب حاله وفقره، وهو الذي أطعم الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، وأنزلت فيه وفى زوجته وابنيه سورة (٢) كاملة من القرآن، وهو الذي ملك أربعة دراهم فأخرج منها درهما سرا ودرهما علانية ليلا، ثم اخرج منها في النهار درهما سرا ودرهما علانية، فأنزل فيه قوله تعالى ﴿الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية﴾ (3)، وهو الذي قدم بين يدي نجواه صدقة

(١) سورة النساء ٧٧.
(٢) زعم بعض غلاة الشيعة، انه أنزلت فيهم سورة مختلفة، وانظر فصل الخطاب لحسين بن محمد الطبرسي ١٥٦، وحواشي ملحق العثمانية ٣١٩.
(٣) سورة البقرة ٢٤٧.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317