البطحاء، وحصب المشركين، وقال شاهت الوجوه والخبر المشهور عن علي عليه السلام، وهو أشجع البشر (كنا إذا اشتد الباس، وحمى الوطيس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله ولذنا به)، فكيف يقول الجاحظ انه ما خاض الحرب، ولا خالط الصفوف وأي فرية أعظم من فرية من نسب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الاحجام واعتزال الحرب ثم أي مناسبة بين أبى بكر ورسول الله صلى الله عليه وآله في هذا المعنى ليقيسه وينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب الجيش والدعوة، ورئيس الاسلام والملة، والملحوظ بين أصحابه وأعدائه بالسيادة، واليه الايماء والإشارة، وهو الذي أحنق قريشا والعرب، وروى أكبادهم بالبراءة من آلهتهم، وعيب دينهم وتضليل أسلافهم، ثم وترهم فيما بعد بقتل رؤسائهم وأكابرهم وحق لمثله إذا تنحى عن الحرب واعتزلها أن يتنحى ويعتزل، لان ذلك شان الملوك والرؤساء، إذا كان الجيش منوطا بهم وببقائهم، فمتى هلك الملك هلك الجيش، ومتى سلم الملك أمكن أن يبقى عليه ملكه، وان عطب جيشه فإنه يستجد جيشا آخر، ولذلك نهى الحكماء أن يباشر الملك الحرب بنفسه، وخطئوا الإسكندر لما بارز قوسرا ملك الهند، ونسبوه إلى مجانبة الحكمة ومفارقة الصواب والحزم، فليقل لنا الجاحظ أي مدخل لأبي بكر في هذا المعنى ومن الذي كان يعرفه من أعداء الاسلام ليقصده بالقتل وهل هو الا واحد من عرض المهاجرين، حكمه حكم عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، وغيرهما بل كان عثمان أكثر منه صيتا، وأشرف منه مركبا، والعيون إليه أطمح، والعدو إليه أحنق وأكلب، ولو قتل أبو بكر في بعض تلك المعارك، هل كان يؤثر قتله في الاسلام ضعفا، أو يحدث فيه وهنا أو يخاف على الملة لو قتل أبو بكر في بعض تلك الحروب أن تندرس وتعفى آثارها، وينطمس منارها ليقول الجاحظ أن أبا بكر كان حكمه حكم رسول الله صلى الله عليه وآله في مجانبة الحروب واعتزالها، نعوذ بالله من الخذلان وقد علم العقلاء كلهم ممن له
(٢٧٩)