في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن) (١)، ثم قال سبحانه مؤكدا لهذا البيع والشراء ﴿ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم﴾ (١)، وقال الله تعالى ﴿ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح﴾ (2).
فمواقف الناس في الجهاد على أحوال، وبعضهم في ذلك أفضل من بعض، فمن دلف إلى الاقران، واستقبل السيوف والأسنة، كان أثقل على أكتاف الأعداء، لشدة نكايته فيهم، ممن وقف في المعركة، وأعان ولم يقدم، وكذلك من وقف في المعركة، وأعان ولم يقدم، الا انه بحيث تناله السهام والنبل أعظم غناء، وأفضل ممن وقف حيث لا يناله ذلك، ولو كان الضعيف والجبان يستحقان الرياسة بقله بسط الكف وترك الحرب، وان ذلك يشاكل فعل النبي صلى الله عليه وآله، لكان أوفر الناس حظا في الرياسة، وأشدهم لها استحقاقا حسان بن ثابت، وان بطل فضل علي عليه السلام في الجهاد، لان النبي صلى الله عليه وآله كان أقلهم قتالا، كما زعم الجاحظ ليبطلن على هذا القياس فضل أبى بكر في الانفاق، لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان أقلهم مالا.
وأنت إذا تأملت أمر العرب وقريش، ونظرت السير، وقرات الاخبار، عرفت انها كانت تطلب محمدا صلى الله عليه وآله وتقصد قصده، وتروم قتله، فان أعجزها وفاتها طلبت عليا عليه السلام، وأرادت قتله، لأنه كان أشبههم بالرسول حالا، وأقربهم منه قربا، وأشدهم عنه دفعا، وانهم متى قصدوا عليا فقتلوه أضعفوا أمر محمد صلى الله عليه وآله وكسروا شوكته، إذ كان أعلى من ينصره في الباس والقوة والشجاعة