شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٦٧
في الغار، بما هو واضح لمن أنصف، ونزيد هاهنا تأكيدا بما لم نذكره فيما تقدم فنقول إن فضيلة المبيت على الفراش على الصحبة في الغار لوجهين:
أحدهما أن عليا عليه السلام قد كان انس بالنبي صلى الله عليه وآله وحصل له بمصاحبته قديما انس عظيم، وألف شديد، فلما فارقه عدم ذلك الانس، وحصل به أبو بكر، فكان ما يجده علي عليه السلام من الوحشة وألم الفرقة موجبا زيادة ثوابه، لان الثواب على قدر المشقة.
وثانيهما أن أبا بكر كان يؤثر الخروج من مكة، وقد كان خرج من قبل فردا، فازداد كراهية للمقام، فلما خرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وافق ذلك هوى قلبه، ومحبوب نفسه، فلم يكن له من الفضيلة ما يوازى فضيلة من احتمل المشقة العظيمة، وعرض نفسه لوقع السيوف، لرضخ الحجارة، لأنه على قدر سهولة العبادة يكون نقصان الثواب.
قال الجاحظ ثم الذي لقى أبو بكر في مسجده الذي بناه على بابه في بنى جمح، فقد كان بنى مسجدا يصلى فيه، ويدعو الناس إلى الاسلام، وكان له صوت رقيق، ووجه عتيق، وكان إذا قرا بكى، فيقف عليه المارة من الرجال والنساء والصبيان والعبيد، فلما أوذي في الله، ومنع من ذلك المسجد، استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله في الهجرة فأذن له، فاقبل يريد المدينة، فتلقاه الكناني (1)، فعقد له جوارا، وقال والله لا ادع مثلك يخرج من مكة، فرجع إليها وعاد لصنيعه في المسجد، فمشت قريش إلى جاره الكناني، وأجلبوا عليه، فقال له دع المسجد وادخل بيتك، واصنع فيه ما بدا لك (2).

(١) الكناني هو مالك بن الدغنة، أحد بني الحارث بن بكر بن عبد مناة.
(٢) العثمانية 28، 29 مع تصرف واختصار.
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317