نفقته على عياله واجبة، مع أن أرباب السيرة ذكروا انه لم يكن ينفق على أبيه شيئا، وانه كان أجيرا لابن جدعان على مائدته يطرد عنها الذبان.
قال الجاحظ وقد تعلمون ما كان يلقى أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ببطن مكة من المشركين، وحسن صنيع كثير منهم، كصنيع حمزة حين ضرب أبا جهل بقوسه ففلق هامته، وأبو جهل يومئذ سيد البطحاء ورئيس الكفر، وامنع أهل مكة، وقد عرفتم أن الزبير سل سيفه، واستقبل به المشركين، لما أرجف أن محمدا صلى الله عليه وآله قد قتل، وأن عمر بن الخطاب قال حين أسلم لا يعبد الله سرا بعد اليوم، وان سعدا ضرب بعض المشركين بلحى جمل، فأراق دمه، فكل هذه الفضائل لم يكن لعلي بن أبي طالب فيها ناقة ولا جمل، وقد قال الله تعالى ﴿لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا﴾ (1)، فإذا كان الله تعالى قد فضل من أنفق قبل الفتح، لأنه لا هجرة بعد الفتح، على من أنفق بعد الفتح، فما ظنكم بمن أنفق من قبل الهجرة، ومن لدن مبعث النبي صلى الله عليه وآله إلى الهجرة والى بعد الهجرة (2).
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله إننا لا ننكر فضل الصحابة وسوابقهم، ولسنا كالإمامية الذين يحملهم الهوى على جحد الأمور المعلومة، ولكننا ننكر تفضيل أحد من الصحابة على علي بن أبي طالب، ولسنا ننكر غير ذلك، وننكر تعصب الجاحظ للعثمانية، وقصده إلى فضائل هذا الرجل ومناقبه بالرد والابطال واما حمزة فهو عندنا ذو فضل عظيم، ومقام جليل، وهو سيد الشهداء الذين استشهدوا على عهد رسول الله .