شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٦٣
قال لأبي بكر في صحبته إياه وكونه معه في الغار مثل ذلك، ولا قال له أنفق واعتق فإنك لن تفتقر، ولن يصل إليك مكروه (١).
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله هذا هو الكذب الصراح، والتحريف والادخال في الرواية ما ليس منها، والمعروف المنقول انه صلى الله عليه وآله قال له اذهب فاضطجع في مضجعي، وتغش ببردي الحضرمي، فان القوم سيفقدونني، ولا يشهدون مضجعي، فلعلهم إذا رأوك يسكنهم ذلك حتى يصبحوا، فإذا أصبحت فاغد في أداء أمانتي، ولم ينقل ما ذكره الجاحظ، وإنما ولده أبو بكر الأصم، واخذه الجاحظ، ولا أصل له، ولو كان هذا صحيحا لم يصل إليه منهم مكروه، وقد وقع الاتفاق على أنه ضرب ورمى بالحجارة قبل أن يعلموا من هو حتى تضور، وانهم قالوا له رأينا تضورك، فانا كنا نرمي محمدا ولا يتضور، ولان لفظة المكروه إن كان قالها إنما يراد بها القتل، فهب انه امن القتل، كيف يأمن من الضرب والهوان، ومن أن ينقطع بعض أعضائه، وبان سلمت نفسه أليس الله تعالى قال لنبيه ﴿بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس﴾ (2) ومع ذلك فقد كسرت رباعيته وشج وجهه، وأدميت ساقه، وذلك لأنها عصمة من القتل خاصة، وكذلك المكروه الذي أومن علي عليه السلام منه - وإن كان صح ذلك في الحديث - إنما هو مكروه القتل.
ثم يقال له وأبو بكر لا فضيلة له أيضا في كونه في الغار، لان النبي صلى الله عليه وآله قال له (لا تحزن إن الله معنا)، ومن يكن الله معه فهو آمن لا محالة من كل سوء، فكيف قلت ولم ينقل ناقل أنه قال لأبي بكر في الغار مثل ذلك فكل ما يجيب به عن هذا فهو جوابنا عما أورده، فنقول له هذا ينقلب عليك في النبي صلى الله عليه وآله

(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317