قال لأبي بكر في صحبته إياه وكونه معه في الغار مثل ذلك، ولا قال له أنفق واعتق فإنك لن تفتقر، ولن يصل إليك مكروه (١).
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله هذا هو الكذب الصراح، والتحريف والادخال في الرواية ما ليس منها، والمعروف المنقول انه صلى الله عليه وآله قال له اذهب فاضطجع في مضجعي، وتغش ببردي الحضرمي، فان القوم سيفقدونني، ولا يشهدون مضجعي، فلعلهم إذا رأوك يسكنهم ذلك حتى يصبحوا، فإذا أصبحت فاغد في أداء أمانتي، ولم ينقل ما ذكره الجاحظ، وإنما ولده أبو بكر الأصم، واخذه الجاحظ، ولا أصل له، ولو كان هذا صحيحا لم يصل إليه منهم مكروه، وقد وقع الاتفاق على أنه ضرب ورمى بالحجارة قبل أن يعلموا من هو حتى تضور، وانهم قالوا له رأينا تضورك، فانا كنا نرمي محمدا ولا يتضور، ولان لفظة المكروه إن كان قالها إنما يراد بها القتل، فهب انه امن القتل، كيف يأمن من الضرب والهوان، ومن أن ينقطع بعض أعضائه، وبان سلمت نفسه أليس الله تعالى قال لنبيه ﴿بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس﴾ (2) ومع ذلك فقد كسرت رباعيته وشج وجهه، وأدميت ساقه، وذلك لأنها عصمة من القتل خاصة، وكذلك المكروه الذي أومن علي عليه السلام منه - وإن كان صح ذلك في الحديث - إنما هو مكروه القتل.
ثم يقال له وأبو بكر لا فضيلة له أيضا في كونه في الغار، لان النبي صلى الله عليه وآله قال له (لا تحزن إن الله معنا)، ومن يكن الله معه فهو آمن لا محالة من كل سوء، فكيف قلت ولم ينقل ناقل أنه قال لأبي بكر في الغار مثل ذلك فكل ما يجيب به عن هذا فهو جوابنا عما أورده، فنقول له هذا ينقلب عليك في النبي صلى الله عليه وآله