مستغنيا في خروجك عن مثلي، ونجعل عبدا من عبيدنا في فراشك، قائما مقامك، يتوهم القوم - برؤيته نائما في بردك - انك لم تخرج، ولم تفارق مركزك، فلم يقل ذلك، ولا تحبس ولا توقف، ولا تلعثم، وذلك لعلم كل واحد منهما صلى الله عليه وآله أن أحدا لا يصبر على ثقل هذه المحنة، ولا يتورط هذه الهلكة، الا من خصه الله تعالى بالصبر على مشقتها، والفوز بفضيلتها، وله من جنس ذلك أفعال كثيرة، كيوم دعا عمرو بن عبد ود المسلمين إلى المبارزة، فأحجم الناس كلهم عنه، لما علموا من بأسه وشدته، ثم كرر النداء، فقام علي عليه السلام، فقال انا أبرز إليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله انه عمرو قال نعم، وانا على فأمره بالخروج إليه، فلما خرج قال صلى الله عليه وآله (برز الايمان كله إلى الشرك كله)، وكيوم أحد حيث حمى رسول الله صلى الله عليه وآله من ابطال قريش وهم يقصدون قتله، فقتلهم دونه، حتى قال جبرئيل عليه السلام (يا محمد إن هذه هي المواساة) فقال (انه منى وانا منه)، فقال جبريل (وانا منكما) ولو عددنا أيامه ومقاماته التي شرى فيها نفسه لله تعالى لأطلنا وأسهبنا.
قال الجاحظ فان احتج محتج لعلى عليه السلام بالمبيت على الفراش، فبين الغار والفراش فرق واضح، لان الغار وصحبة أبى بكر للنبي صلى الله عليه وآله قد نطق به القرآن، فصار كالصلاة والزكاة وغيرهما مما نطق به الكتاب، وامر علي عليه السلام ونومه على الفراش، وإن كان ثابتا صحيحا، الا انه لم يذكر في القرآن، وإنما جاء مجئ الروايات والسير، وهذا لا يوازن هذا ولا يكايله (1).
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله هذا فرق غير مؤثر، لأنه قد ثبت بالتواتر حديث