شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٦٠
مفاجأة المكروه، ومباشرة الأهوال، فيفر من الفراش، فيفطن لموضع الحيلة، ويطلب رسول الله صلى الله عليه وآله فيظفر به.
ومنها انه وإن كان ضابطا للسر، شجاعا نجدا، فلعله غير محتمل للمبيت على الفراش، لان هذا أمر خارج عن الشجاعة إن كان قد قامه مقام المكتوف الممنوع، بل هو أشد مشقة من المكتوف الممنوع، لان المكتوف الممنوع يعلم من نفسه انه لا سبيل له إلى الهرب، وهذا يجد السبيل إلى الهرب والى الدفع عن نفسه، ولا يهرب ولا يدافع.
ومنها انه وإن كان ثقة عنده، ضابطا للسر، شجاعا محتملا للمبيت على الفراش، فإنه غير مأمون أن يذهب صبره عند العقوبة الواقعة، والعذاب النازل بساحته، حتى يبوح بما عنده، ويصير إلى الاقرار بما يعلمه، وهو انه اخذ طريق كذا فيطلب فيؤخذ، فلهذا قال علماء المسلمين إن فضيلة علي عليه السلام تلك الليلة لا نعلم أحدا من البشر نال مثلها، الا ما كان من إسحاق وإبراهيم عند استسلامه للذبح، ولولا أن الأنبياء لا يفضلهم غيرهم لقلنا إن محنة على أعظم، لأنه قد روى أن إسحاق تلكأ لما امره أن يضطجع، وبكى على نفسه، وقد كان أبوه يعلم أن عنده في ذلك وقفه، ولذلك قال له ﴿فانظر ماذا ترى﴾ (1) وحال علي عليه السلام بخلاف ذلك، لأنه ما تلكأ ولا تتعتع، ولا تغير لونه ولا اضطربت أعضاؤه، ولقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يشيرون عليه بالرأي المخالف لما كان أمر به، وتقدم فيه فيتركه ويعمل بما أشاروا به، كما جرى يوم الخندق في مصانعته الأحزاب بثلث تمر المدينة، فإنهم أشاروا عليه بترك ذلك فتركه، وهذه كانت قاعدته معهم، وعادته بينهم، وقد كان لعلى عليه السلام أن يعتل بعلة، وان يقف ويقول يا رسول الله، أكون معك أحميك من العدو، وأذب بسيفي عنك، فلست

(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317