لا إلى المجاب، على انا قد علمنا أن من استجاب لموسى عليه السلام أكثر ممن استجاب لنوح عليه السلام، وثواب نوح أكثر، لصبره على الأعداء، ومقاساة خلافهم وعنتهم.
واما انفاق المال، فأين محنة الغنى من محنة الفقير وأين يعتدل اسلام من أسلم وهو غنى، إن جاع اكل، وإن أعيا ركب، وإن عرى لبس، قد وثق بيساره واستغنى بماله، واستعان على نوائب الدنيا بثروته، ممن لا يجد قوت يومه، وان وجد لم يستأثر به، فكان الفقر شعاره، وفى ذلك قيل الفقر شعار المؤمن. وقال الله تعالى لموسى (يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين)، وفى الحديث (إن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام)، وكان النبي صلى الله عليه وآله يقول (اللهم احشرني في زمرة الفقراء)، ولذلك أرسل الله محمدا صلى الله عليه وآله فقيرا، وكان بالفقر سعيدا، فقاسى محنة الفقر ومكابدة الجوع، حتى شد الحجر على بطنه، وحسبك بالفقر فضيلة في دين الله لمن صبر عليه، فإنك لا تجد صاحب الدنيا يتمناه، لأنه مناف لحال الدنيا وأهلها، وإنما هو شعار أهل الآخرة.
واما طاعة علي عليه السلام، وكون الجاحظ زعم أنها كانت لان في عز محمد عزه وعز رهطه، بخلاف طاعة أبى بكر، فهذا يفتح عليه أن يكون جهاد حمزة كذلك، وجهاد عبيدة بن الحارث، وهجرة جعفر إلى الحبشة، بل لعل محاماة المهاجرين من قريش على رسول الله صلى الله عليه وآله كانت لان في دولته دولتهم، وفي نصرته استجداد ملك لهم، وهذا يجر إلى الالحاد، ويفتح باب الزندقة، ويفضي إلى الطعن في الاسلام والنبوة.
قال الجاحظ وعلى انا لو نزلنا إلى ما يريدونه، جعلنا الفراش كالغار، وخلصت فضائل أبى بكر في غير ذلك عن معارض.
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله قد بينا فضيلة المبيت على الفراش على فضيلة الصحبة