شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٦٨
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله كيف كانت بنو جمح تؤذى عثمان بن مظعون وتضربه، وهو فيهم ذو سطوة وقدر، وتترك أبا بكر يبنى مسجدا يفعل فيه ما ذكرتم، وأنتم الذين رويتم عن ابن مسعود أنه قال (ما صلينا ظاهرين حتى أسلم عمر بن الخطاب)، والذي تذكرونه من بناء المسجد كان قبل اسلام عمر، فكيف هذا.
واما ما ذكرتم من رقة صوته وعتاق وجهه، فكيف يكون ذلك وقد روى الواقدي وغيره أن عائشة رأت رجلا من العرب خفيف العارضين، معروق الخدين، غائر العينين، أجنأ (1) لا يمسك إزاره، فقالت ما رأيت أشبه بأبي بكر من هذا فلا نراها دلت على شئ من الجمال في صفته.
قال الجاحظ وحيث رد أبو بكر جوار الكناني، وقال لا أريد جارا سوى الله، لقى من الأذى والذل والاستخفاف والضرب ما بلغكم، وهذا موجود في جميع السير، وكان آخر ما لقى هو وأهله في أمر الغار، وقد طلبته قريش وجعلت فيه مائة بعير، كما جعلت في النبي صلى الله عليه وآله، فلقى أبو جهل أسماء بنت بكر، فسألها فكتمته، فلطمها حتى رمت قرطا كان في اذنها (2).
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله هذا الكلام وهجر السكران سواء، في تقارب المخرج، واضطراب المعنى، وذلك أن قريشا لم تقدر على أذى النبي صلى الله عليه وآله، وأبو طالب حي يمنعه، فلما مات طلبته لتقتله، فخرج تارة إلى بنى عامر، وتارة إلى ثقيف، وتارة إلى بنى شيبان، ولم يكن يتجاسر على المقام بمكة الا مستترا، حتى أجاره مطعم بن عدي، ثم خرج إلى المدينة، فبذلت فيه مائة بعير لشدة حنقها عليه حين فاتها، فلم تقدر عليه، فما بالها بذلت في أبى بكر مائة بعير أخرى، وقد كان رد الجوار، وبقى بينهم فردا لا ناصر له

(١) الأجنأ، من الجنأ وهو ميل الظهر.
(٢) العثمانية 29، مع تصرف واختصار.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317